============================================================
من غير عشيرة، وغنى من غير مال، وعلما من غير تعلم "(3.
وكتب عمر رضي الله عنه إلى آمراء الأجناد : "احفظوا من المطيعين ما يقولون، فإنهم تتجلى لهم أمور صادقة" وقال بعضهم : إذا زهد العبد في الدنيا وكل الله به ملكا يغرس من إناء الحكمة في قليه، كما يغرس أحدكم من طرف الأشجار في بستانه قلت: فمتى يطلقها على لسانه ؟ وما الذي حجبه عن وصف ما يجد في قلبه من اصابة الحق في وهمه قال: مثل هذا كمثل شجرة غرست فطابت، وطاب ثمرها، وغاصت عروقها، وعلت فروعها، وجرى ماؤها فيها، وأخضر ورتها، وخرج ثمرها، إلا أنها لم تدرك، ولم تصلح، ولم تستحكم، ولم تبلغ وقت جناها، حتى اذا استحكمت وصلحت اللجاني، جنى منها جناها صاحبها وهكذا يا فتى هذا الرجل، لم يستحكم في حكمته، ولم يصلح آن يستفاد ويقتبس منه، حتى إذا استحكم في حالاتها، وتم في بلوغ مقاماتها، انصبت الحكمة وجرت على لسانه، وتفجرت ينابيعها من قلبه، وتمكن في حالاتها، وانتفع به المقتبس والمستفيد.
قلت : فالحالة التي يستحكم بها ما هي ؟
قال : تعاهد أخلاقها، واتباع مروعة معرفتها، واحتياط القلب بضبطها، ومعرفة قدرها، والحرص على جمعها، والرغبة في بلوغها، وصيانات كراماتها، ودوام الشكر عليها، والتواضع في وقت ورودها، والخضوع في حالاتها، واستعمالها في نفسها، وكثرة العادات في مشاهدتها، وتكرير القلب لضرب امثالها، ونشرها في كل وقت، وعرضها على الموافقة في إصابتها، فهذا الذي (3) حديث " إذا زهد العبد في الدنيا" : أخرجه الطبراني في الكبير عن واثلة.
صفحہ 294