130

============================================================

وبلغنا أن الله عز وجل لما خلق العقل قال له: أقعد. فقعد. ثم قال له: قم. فقام. ثم قال له: أدبر. فادبر. ثم قال له : أقبل فأقبل. ثم قال له: آنظر. فنظر. ثم قال له: تكلم. فتكلم. ثم قال له: أنصت.

فأنصت(1). ثم قال له: إسمع. فسمع. ثم قال له: افهم. ففهم. ثم قال له: "وعزتي وجلالي، وعظمتي وسلطاني، وقدرتي على خلقي ما خلقت خلقا هو اكرم علي ولا أحب منك، ولا أفضل منك منزلة، لأني بك أعرف، وبك أ عبد، وبك أحمد، وبك آخذ، بك أعطي، وبك أعاقب، ولك الثواب".

فقد خص الله تعالى العقل بالكرامة، وحباه بأمر عظيم، وجعل العاقلين أعلى درجة وأشرفها في الدنيا والآخرة . وبلغنا عن بعض الصحابة أنه قال : "لأن يزداد عقلي كل يوم مقدار ذرة . أحب إلي من حطم السيوف في سبيل الله تعالى بنفسي ومالي وإعطائي المال سخاء في أصناف المعروف وفي الصدقات" الا فمن رغب منكم في العقل وأراد السبيل في اكتسابه، فإن أفضل ما تستفيد بالعقل أن تطيع الله فيما افترض عليك وتتجنب ما حرم الله عليك، فمتى فعلت ذلك أخذت من العقل بنصيب، فبذلك جاءت الأخبار: "أن العاقل من أطاع الله، ولا عقل لمن عصاه": العلو في العقل في صحة الجوارح والأرزاق : وبعد : فإن أردت العلو في درجات العقل، ورغبت في مزيد الفوائد من الله عز وجل، فكن بخلاف الناس في فعلهم، فإن الناس إنما عصموا الله با انعم عليهم من صحة الجوارح والأرزاق المتواترة، وغيرها من النعم المتظاهرة، فيها قووا على معاصي الله وسائل رقي العقل : أخي : فاستحي أن تعصيه بنعمه. ولتكن من أهل الكرم والشكر، (1) في الأصل : فنصت

صفحہ 130