إن امرأ القَيسِ من ما زِلتُ آمُلُهُ ... للمُلكِ بعديَ من نَسلِيْ وأولادِي
يُطيعُ للغوثِ لا يعصِيهِ في أملٍ ... يُرشِدهُ ذاكَ في دُنياهُ إرشادِي
لهُ البلادُ ومنْ فيهنَّ قاطبةً ... مِنْ معشرٍ حاضِرٍ أو معَشَرٍ بَادِ
والغوثُ بيتٌ سِمَاكُ المُلكِ يرفَعُهُ ... وكُلُّ بيتٍ بِمِسماكٍ وأوتادِ
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن امرأ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد حفظ وصية أبيه في طاعة الملك الغوث بن قطن بن عريب.
ويقال: إن امرأ القيس ولي الثغور والأطراف لأربعة من ملوك حمير، للغوث بن قطن، ولوائل بن الغوث، ولعبد شمس بن وائل، ولجشم بن عبد شمس.
ويقال إنه قلد ابنه حارثة الأحساب بن امرئ القيس الثغور والأطراف التي كان يتقلدها في طاعة الملوك من حمير. وكتب له كتابًا يقول فيه: " من الرجز "
من امرِئِ القيسِ ألُوكٌ لابنهِ ... حارثةِ الأحسابِ عن أمرِ جُشَمْ
إلى جميعِ النَّاسِ بالطاعةِ في ... آفاقِها من عربٍ ومن عَجَمْ
وأنْ يُجيئُوا الخَرجَ محمُولًا إلى ... حَارِثةِ الأحسابِ عُمَّالُ الأُممْ
أو لا يُلامُ جُشمٌ إنْ أعرضُوا ... أو أتَتِ الخَيلًُ إليهِم للنِّقَمْ
فيقال: إن حارثة بن امرئ القيس ولي الأطراف والثغور في حياة أبيه وبعد وفاته في طاعة الملك جشم بن عبد شمس وفي طاعة الملك عمرو بن عبد شمس وفي طاعة الملك الفظاظ بن عمرو بن عبد شمس.
ويقال: إن حارثة بن امرئ القيس عمر ثلاثمائة سنة ونيفًا وثمانين سنة.
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد وصى ابنه عامر بن حارثة فقال: " من البسيط "
يا عَامرَ الخيرِ إنِّي قد وَهَي بصري ... ورابِني ما يَريبُ المُسترِبينا
ورابني ما يَرِيبُ ابن الثَّلاثةِ من ... عد المئاتِ الخواليْ والثَّمانِينا
قُلِدتُ أعمالَ أسلافي وقُلِّدها ... قبلي أبي للَّهَاميمِ الأغرِّينا
فاثبُتْ على كُلِّ ما أُوصِي إليكَ وما ... قد كانَ قِدمًا بِهِ الآباءُ يُوصُونا
لا تعدُ عن طاعةِ الفظَّاظ إنَّكَ ما ... لم تعصِهِ لم تخف ...
لمْ يَعْصِ آباؤُنَا آباؤهُمْ ولقد ... كانُوا لآبائنا قِدمًا مُطِيعينا
إنَّا نُجِيبُ بنَي أعمامِنَا وهُمُ ... إذا دعونَاهُمُ يومًا يُجيبُونا
نُعِزُّهُمْ فيُعِزُّونَا وننصرُهُمْ ... فيَنصُرُونَا ونِكفيهمْ فَيَكفُونَا
نسعى لهُم بين أيديهِمْ إذا نَهَضُوا ... وإن نَهَضنا يكُونُوا بينَ أيدِينَا
إذا مَضَى سيِّدٌ مِنَّا يقومُ لَنَا ... مقامهُ سيِّدٌ لَمْ نَعدُهُ فِينَا
يحكِي أواخِرُ أقواميْ أَوائِلهُمْ ... وإنَّ من بَعدنَا مِنَّا سَيَحكِينَا
يا عامِرَ الخيرِ لا تَنسَى الوصاةَ وكُنْ ... بعدِيْ لِقومِكَ منْ خَيرِ المُوَصِّينا
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن عامر بن حارثة بن امرئ القيس حفظ وصية أبيه، وثبت عليها، وعمل بها فيما بينه وبين قومه، وتولى ما كان يتولاه أبوه من الأطراف والثغور للفظاظ بن عمرو، ولمن قبله من ملوك حمير.
ويقال: إن عامر بن حارثة بن امرئ القيس، هو الذي تسميه العرب ماء السماء، وهو الذي افتخر به أحد الأنصار في قوله حيث يقول: " من الوافر "
أنا ابن مِزيقيا عمرو وجدّي ... أبوه عامرٍ ماء السَّماءِ
نماني الفيض ثعلبة المرجى ... وقيلةُ تلكَ سيَّدةُ النساءِ
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد جرد إلى الشام بأمر الملك الفظاظ بن عمرو، وولى عليهم زيد بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير، وعقد له الولاية وأمرهم بالسمع والطاعة له. وزيد هذا هو أبو عذرة وأبو جهينة ونهد ويحمد والحميس وشحمة وأخوه بلي ويهوى أبناء عمرو بن الحارث.
ويقال: إن ماء السماء كتب لزيد بن عمرو إلى أهل الشام كتابًا. وكان كتابه:
لزيدٍ إلى من حلَّ بالشَّامِ حُجَّةٌ ... مِنَ المَلكِ الفَظَّاظِ والقيلِ عامرِ
1 / 22