يعرفها في الأنام من ثكلوا
يا كبدا من مناطها انفصلت
ما خلت أن الأكباد تنفصل
كما قد نجد انفعالا وعنادا في رثائه لبطرس باشا غالي في قصيدته التي اتخذ لها عنوانا «جاهدت في إعلاء مصرك جاهدا»، إلا أننا بوجه عام لا نحس بأصالة لولي الدين إلا عندما ينفعل للسياسة أو لإحساس شخصي.
وهو إذا قد كان قد أعجب بالسلطان حسين كامل، وأخلص له الود ومدحه عن اقتناع وإيمان، إلا أننا أيضا نراه يودع الجنرال مكسويل ويرثي إدورد ملك إنجلترا!
وإذا كان التاريخ يحدثنا عن علاقة غرام بين ولي الدين «ومي» بل ويحتفظ لنا الديوان بمقطوعة من ستة أبيات اتخذ لها الشاعر عنوانا «فيا رب هب لي مواجع مي» (ص103)، فإننا بالرغم من ذلك نجده في غزله يسلك الدروب التقليدية، بل ويتسكع كما تسكع غيره في معارضة «أليل الصب متى غده».
وكأن الأمر أمر قدرة ومهارة على قرض الشعر، لا تعبير عن تجربة إنسانية خاصة وابتكار للصور الجمالية.
ولو أننا تركنا فنون شعره وأغراضه لننظر في ديباجته وأسلوبه للاحظنا أن أسلوبه مرآة صادقة لنفسه، فهو أسلوب منفعل سريع متلاحق الإيقاع، يتميز بالقوة والانفعال أكثر مما يتميز بالصيغة الفنية، أو التصوير البياني، بل لعل التصوير البياني أوضح في نثره منه في شعره. •••
والخلاصة أن ولي الدين يكن يتميز خاصة بأنه أديب وشاعر سياسي، ملتزم منفعل مجدد، وأنه إذا كانت أفكاره واتجاهاته لم ترض التيار الوطني الغالب، إلا أنه كان بلا ريب رجلا مخلصا لرأيه، مخلصا لنفسه، كما كان من محبي الحرية بل من عشاقها، ذوي النفوس القوية التي لا يرهبها ظلم، ولا تثنيها تضحية في الدفاع عن الحرية السياسية، والحرية الفكرية، وعن قضايا التقدم الاجتماعي، وإن استهدف بسبب ذلك إلى كثير من العداوات والاضطهادات.
ملحق
نامعلوم صفحہ