البصرة بتحريرها، فتمّ تحريرها نهائيا في إمارة أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعريّ على البصرة سنة ١٧ هـ، ولذلك ارتبطت إدارتها طوال العصور الإسلامية بالبصرة وأصبحت إقليما من أقاليمها «١».
وحين ازدهرت الحركة الفكرية في البصرة في صدر الإسلام تأثّرت بها الأهواز فكانت آنذاك «مشحونة بالعلماء والأئمة» «٢» ذكرت كتب الرّجال والتّراجم عددا كبيرا ممّن نسب إليها، ولكنّ الخراب بدأ يصيبها على إثر حركة الزّنج بحيث قال أبو سعد السّمعانيّ في القرن السادس الهجري: «قد خربت أكثرها وبقيت التلال ولم يبق منها إلا جماعة قليلة «٣».
مولده ونشأته:
نقل الحافظ أبو القاسم ابن عساكر «٤» وياقوت الحموي «٥» عن أبي عليّ الأهوازيّ أنه قال: ولدت في سابع عشر محرم سنة ٣٦٢، وكان مولده بالأهواز. على أنّ المصادر لم تسعفنا بشيء عن عائلته أو نشأته. والظّاهر أنّه كان من عائلة مغمورة، إذ لم نقف في كتب التّراجم على أحد من ذوي قرباه. ويبدو أنه تعلّم القراءة والكتابة في طفولته، وأنه عني منذ صغره بالقرآن الكريم، قال الذّهبيّ: «عني من صغره بالرّوايات والأداء» «٦».
عنايته بالقراءات:
بدأت عناية الأهوازي بالقراءات القرآنية في سنّ مبكرة، حيث وجدناه في سنة ٣٧٨ هـ-، وهو في السادسة عشرة من عمره، يقرأ القرآن الكريم من أوله إلى خاتمته بالهمز والإظهار وترك الهمز، وبترك الهمز مع الإظهار من قراءة أبي عمرو بن العلاء برواية أبي محمد اليزيديّ عنه على شيخه بالأهواز أبي الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن سعيد الغضائريّ «٧» البغداديّ المقرئ «٨». وكان أبو الحسن الغضائريّ البغداديّ قد قرأ على أبي
_________
(١) انظر: تاريخ خليفة بن خياط: ١١٧ - ١١٨، ١٢٧، ١٣١، ١٣٥، وفتوح البلدان للبلاذري: ٣٣٦، وتاريخ الطبري: ٤/ ٧٢ فما بعد، وتحرير الأحواز في صدر الإسلام للدكتور بشار عواد معروف (آفاق عربية، السنة السادسة، العددان: ٣ - ٤، بغداد ١٩٨٠).
(٢) أنساب السمعاني: ١/ ٣٩٢.
(٣) المصدر نفسه.
(٤) تهذيب تاريخ دمشق لابن بدران: ٤/ ١٩٧.
(٥) معجم الأدباء: ٣/ ١٥٤، وقال الذهبي: في أول سنة ٣٦٢ (تاريخ الإسلام، الورقة ٤٢٩ من مجلد أياصوفيا ٣٠٠٩)، وهو ينقل من تاريخ دمشق لابن عساكر.
(٦) معرفة القراء: ١/ الترجمة ٣٤٣.
(٧) منسوب إلى الغضارة وهو إناء يؤكل فيه الطعام، والنسبة إلى عمله، كما في أنساب السمعاني: ٩/ ١٥٥.
(٨) انظر: المخطوطة، الورقة ٦ ب، ومعرفة القراء للذهبي: ٢/ الترجمة ٢٥٧ وتاريخ الإسلام، الورقة ١٩٥ (مجلد أحمد الثالث ٢٩١٧/ ١٠)، وغاية النهاية: ١/ الترجمة ٢٢٠٥.
1 / 12