الفصل الحادي عشر
من صديق إلى صديق
أخي الأستاذ مدحت عاصم
أتذكر المثل القديم: واحدة بواحدة جزاء.
أنت تذكر هذا المثل ولا ريب، فلتعرف أني سأجزيك مفاجأة بمفاجأة، وكلمة مفاجأة كلمة جافية، ولكنهم اصطلحوا عليها لتؤدي معنى الكلمة الفرنسية “Surprise”
تلك الكلمة اللطيفة التي كنت أجد فيها أطيب الجزاء على ما أقدم من الهدايا لمعشوقاتي في باريس.
والمفاجأة هي أن تكون أول قارئ لهذا الخطاب في جريدة الصباح، لأن محطة الإذاعة هي أول من يقرأ جريدة الصباح، وهل نسيت يا شيطان يوم كنتم ترسلون من يترقبها في ميدان الأزهار لتطلعوا قبل سائر الناس على ما يقال فيكم؟ وهل نسيت أنكم مع ذلك لم تنتفعوا أبدا بما يوجه الناقدون إليكم؟ وهل نسيت أنكم هجرتموني هجرا غير جميل لأني أغرمت بتعقبكم في جريدة البلاغ؟
المفاجأة هي أن تقرأ خطابا لم تكن تنتظره على صفحات الصباح، وذلك هو الجزاء على المفاجأة التي روعتني بها في بغداد.
وأشهد أني كنت أترقب كل خيال، وأتشوف إلى كل وهم، وأنتظر كل مستحيل، إلا أن أتلقى في بغداد خطابا من الفنان مدحت عاصم، أخي وصديقي ومولاي.
وإنما كان الأمر كذلك لأني نفضت منك يدي منذ أعوام طوال، واليوم من هجرك كألف سنة مما تعدون.
نامعلوم صفحہ