وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
وهم الثوابت: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
اصناف
2 (1) نقد نظرية التعريف الأفلاطونية-الأرسطية
الخطر الأكبر على فلسفتنا - عدا الكسل والتشوش - هو السكولائية ... التي تعامل ما هو غامض على أنه دقيق محدد.
فرانك رامزي
في الفصل الأول من الجزء الثاني من كتابه «المجتمع المفتوح وأعداؤه» يعرض بوبر في استطرادة مهمة للمنهج الماهوي في التعريفات عند أرسطو. يقول بوبر: إن مشكلة التعريفات و«معنى المصطلحات» غير ذي وقع مباشر على التاريخانية؛ غير أنه كان مصدرا لا ينقطع للخلط؛ ولذلك الضرب من الحشو اللفظي الذي اتحد بالتاريخانية في عقل هيجل؛ فأنتج ذلك المرض الفكري السام الذي ألم بزمننا نحن والذي أسميه «الفلسفية النبوئية»
oracular philosophy ، وهو أهم مصدر للتأثير الفكري المدمر لأرسطو، لكل تلك التاريخانية اللفظية والفارغة التي لا تنتاب العصور الوسطى فحسب بل ترين على فلسفتنا المعاصرة نفسها؛ فحتى فلسفة في حداثة فلسفة فتجنشتين لم تسلم من هذا التأثير!
يذهب بوبر إلى أن بوسعنا أن نجمل تطور الفكر منذ أرسطو بأن نقول: إنه ما من مبحث لا يزال يستخدم المنهج الأرسطي في التعريف إلا ظل موثقا في حالة من الحشو اللفظي الفارغ والسكولائية العقيمة، وإن مختلف العلوم لم تتمكن من إحراز أي تقدم إلا بقدر ما تمكنت من التخلص من هذه المنهج الماهوي. (وهذا هو السبب في أن كثيرا من «علومنا الاجتماعية» ما زالت تنتمي إلى العصور الوسطى).
سيتعين على عرض هذا المنهج أن يكون مجردا بعض الشيء؛ ذلك أن المشكلة قد عانت تشوشا عظيما على يد أفلاطون، وعلى يد أرسطو بصفة خاصة؛ فقد أدى نفوذهما إلى تحيزات بلغت من الرسوخ مبلغا جعل تبديدها أمرا ليس بالهين. ورغم كل ذلك فإن تناول مصدر هذا الخلط والحشو الكثير بالتحليل قد لا يخلو من الفائدة والتشويق.
يفرق أرسطو - مقتفيا في ذلك أثر أفلاطون - بين المعرفة
knowledge
والرأي
نامعلوم صفحہ