============================================================
60 الوحيد في سلوك أهل التوحيد فمات، فبقينا مبهوتين لا ينطق منا أحد إلا بعد ساعة، وعامر رفع رأسه وقال يا فقراء، مالكم جلوس؟ قوموا جهزوا عطاء اللهء. فما قال عامر كلمة غيرها، فجهزناه ودفناه.
فانظر إلى هذا الرضا في مثل هذه الواقعة.
واتفق يومأ أن زين الدين عيسى بن مظفر عبر علينا وقد طلب من جهة السلطان ومن جهة ديوان آمير من الأمراء، فضربوه هؤلاع، فبينما هو كذلك إذ أخبروه بوفاة زوحته أو شيء من ذلك فراح لينظر ذلك فرتوه، فبينما هو كذلك إذ أخبروه بوفاة ولده فراح يجهزه، فبينما هو كذلك إذ قيل له: اخرج إلى الساقية، فقد غارت البئر بالبقر، قال فخرجت فوجدث البغر قد غارت، والبقرة وقعت في البئر، فتبستمت أو ضحكت وقلت: إيش لي في هذا وهذا؟ كله ملكك، تفعل به ما تشاء.
وربما قيل لي أن تلك الواقعة كانت خامس واقعة وقعت له في ذلك إلى الظهر، رحمه الله تعالى.
وحكى لي القاضي ابن السكري خطيب القاهرة عن الشيخ أمين الدين النحوي المحلي قال: كان جامع مصر قد احترق، فشق ذلك على ولي الأمر، فأمر أن يجمع الناس في الجامع ويغلق عليهم، وتكتب أوراق بما يفعل بكل واحد منهم، فجمعوا الناس وكتبوا أوراقا بأنواع العقوبات من الشنق والضرب والحبس وغير ذلك، فاتفق أنه وقع في ورقة شخص يشنق، وفي ورقة شخص يضرب فنظر صاحب الورقة التي فيها الشنق إلى ورقته وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لو لم يكن لي بنات أخشى عليهن الضياع، فقال الشخص الجالس إلى جانبه أنا غريب ولا لي أحد أخشى عليه، وقد وقع في ورقتي الضرب، فخذها وأعطني ورقتك، فاعتمد ما في ورفة الآخر وآثره على نفسه.
وأما الرضا في حال المتقدمين، فقد ذكره غيرنا، فقصدنا الآن ذكر ما رأيناه من أهل زماننا مع كوننا لم نسافر.
ومكايات أغرى وأما رضاهم بالرزق والقناعة فأمر يكاد لا يتحصر، فكان الفقيه محمد بن
صفحہ 59