============================================================
23 الوحيد في سلوك أهل التوحيد واياك أن تقول: أين الولي حتى أعامله هذه المعاملة التي أشرت إليها، فإني أرى أقواما متصفين بخلاف ما قلت في الأقوال والأفعال؟
فاعلم وفقني الله وإياك- أن الناس ثلاث طبقات: عامة، وخاصة، وخاصة الخاصة، والولي في الطبقة الأولى:، حتى لا يكاد يعرف إلا بنور البصيرة إذا لم يغلب عليه حال فيظهره، وهو في الطبقة الأولى:، وفى الطبقة الثانية: مستير، وفي الطبقة الثالثة: متحقق.
فالطبقة الأولى: وهى العامة- وهم أهل الاكتساب والصناعات والمعايش والتجارات والسوق، وغير ذلك من يشتغل بالحرف وغيره، والثانية: هم أهل العلم والورع والدين من المتفقهة والقراء وغير ذلك.
والثالثة: هم أهل التحريد والزهد وترك الدنيا والرياسات.
فأوصافهم لا تنحصرمن الخشية والتواضع وإعطاء الحق من نفسه، وترك حقه لغيره، واتحاد الراحة للخلق، وحمل الأذى عنهم، وترك الأذى بالجملة، والعلم بالإطلاع والكشف، وإخفاء صفاهم إلا ما يظهزه الله تعالى على جوارحهم من غير اعتماد منهم، مع الوقوف مع حدود الله تعالى وأمره وهيه لا يتعدونه، فهذه الطبقة الولاية محققة في جملتهم، وهى متوهمة في كل واحد منهم إلا من ظهرت عليه آثارها، فتعلم ذلك، وإلا فهي خفية كما قدمناه.
والثانية: متوهمة فيهم، وحيث توهمت أن هذا ولي الله تعالى وجب إكرامه بكل وجه، كما أنك إذا رأيت من يلبس لبس الجند وتوهمت أنه قريب من السلطان تكرمه، وحيث علمت أنك إذا شؤشت على من علمت أو توهمت آنه يقرب من السلطان فقد أوبقت نفسك، وخشيت الهلاك، فاحذر من التشويش على من انتسب إلى الله تعالى بوجه ما، وإياك أن تشرب السم للتحربة هل يقتلك أو لا؟ فهذا والله أسرع إلى الهلاك من السم في الدنيا والآخرة.
وقد علمت من نفسك أنه إذا شؤش أحد على غلامك أو من انتسب إليك، فإن كنت متصفا بأخذ الحق بغير زيادة ولا نقصان وإن كان الأمر لك والتصريف فيما يفعله ولا وزر عليك في دنياك ولا في آخرتك؛ فعلت به ما تريده وتختاره بحسب قوتك واستطاعتك، فافهم هذه الإشارات فهي بلسان حاها أفصح من لسان مقالها، ولا
صفحہ 263