إذ ينبت الأزهار من أرض الموات [الهامدة]؛
كي يخلط الذكرى بأشواق الحياة [الحافلة]،
فإذا بأمطار الربيع [الهاطلة]،
تحيي جذورا عاطلة،
بل تطعم الديدان من درنات نبت ذابلة!
ولكن من الذي يتحدث؟ هل هو الشاعر أم إحدى «الشخصيات»؟ اختلف المفسرون؛ فقال ماتيسون في كتابه «ما أنجزه ت. س. إليوت» إن «ماري» تبدأ حديثها في السطر الثامن، وقالت «هيلين جاردنر» في كتابها «فن ت. س. إليوت» إن ماري هي المتحدثة منذ البداية، فإذا صح قول الأول فإن الترجمة يتفق أسلوبها أو مستواها اللغوي مع لغة الشاعر، وإذا كانت ماري هي المتحدثة، كان لا بد من حذف الكلمات التي وضعتها بين أقواس مربعة، فحذفها لن يؤثر في الوزن، وهي «عضادات» للقافية فحسب! أما الأولى فقد أوحت بها الآية الكريمة، وأما الثانية فلا بد أنها وردت إلى ذهني من تذكر بيت إبراهيم كيرة «ثم هبت من ربا الموت حياة حافلة» وأما الثالثة فقد أوحى بها بيت تشوسر في مستهل «حكايات كنتربري»:
إن جاء أبريل بأمطار الربيع الهاطلة!
وهكذا وجدت أن المشاكل تحيط بالمطلع فأقلعت عن الترجمة، وعدت إلى القصيدة حتى خلت أنني هضمتها هضما! ومن ثم فرغت لكتابة شعري الخاص، وبدأت أواجه مشكلات لم أكن عملت لها حسابا! كنت أحب بحر الرجز (فهو حمار الشعر) ويسهل ركوبه، ولكنني كنت ما أزال أحن شوقا إلى بحور العربية المركبة، والحق أنها أيسر في ضبطها من الرجز الذي يفضي إلى الكامل ويختلط به، كما حدث لي في ترجمة الأبيات الأولى من إليوت، فإذا دخل الكامل استعصى علي استغلال زحافات الرجز وعلله الكثيرة! كما أنه أحيانا يفضي إلى «السريع»، وأحيانا أثناء الترجمة يسمح بتفعيلات من الهزج، وفي هذا ما فيه من عنت! وكان أقرب مثال على ذلك ما حدث عندما ترجمت «الملاح الهرم» (وقد ترجمها بعضهم باسم الملاح القديم)؛ إذ جاء فيها بيت يقول حرفيا إن أفضل المصلين هم أفضل المحبين؛ أي إن أصدق صور الصلاة هي الحب الصادق، وترجمتها هكذا «ومن يحب مخلصا فإنه يصلي مخلصا.» وأحسست بتفعيلة الهزج في الجزء الأخير من البيت، فاضطررت إلى تعديله إلى «فمن يصلي مخلصا فقد أحب مخلصا» مما غير المعنى الذي قصد إليه كولريدج! وعندها غيرت بحر القصيدة كلها إلى المتدارك (أو المحدث) قبل أن يشيع اسم الخبب! فخرجت لي مشكلة جديدة وهي ورود تفعيلة هذا البحر على صورة «فاعل» إلى جانب الصورتين المزاحفتين المعهودتين، إذا افترضنا أن أصل البحر هو فاعلن أربع مرات:
ذا
ك ه
نامعلوم صفحہ