وعی: دلیل مختصر برای معمای بنیادی ذهن

احمد ہنداوی d. 1450 AH
29

وعی: دلیل مختصر برای معمای بنیادی ذهن

الوعي: دليل موجز للغز الجوهري للعقل

اصناف

ورغم أن جميع الهجمات على شمولية الوعي التي قرأتها تفتقر إلى حجج موضوعية ومفصلة، فإن هذه الهجمات كانت شرسة. فمن «موسوعة الفلسفة» (إدواردز، 1967) إلى دورية «نيويورك ريفيو أوف بوكس»، اتهمت شمولية الوعي بأنها «غير مفهومة» و«غير معقولة إلى حد مذهل»، وشبه أنصارها ب «المتعصبين الدينيين».

21

وعلى أولئك الذين يرغبون في دفع هذه المحادثة إلى الأمام أن يلتزموا التزاما مهما بالتمييز الواضح بين وجهات نظر شمولية الوعي وبين الاستنتاجات الخاطئة التي يميل الناس إلى استخلاصها منها - وعلى وجه التحديد أن شمولية الوعي تبرر أو تفسر إلى حد ما مجموعة متنوعة من الظواهر النفسية - المتأتية من الافتراض غير الصحيح أن الوعي لا بد أن يستلزم عقلا له وجهة نظر واحدة وأفكار معقدة. إن عزو مستوى معين من الوعي للنباتات أو المواد غير الحية ليس معناه أن نعزو لها عقولا بشرية لها رغبات وأهداف ومقاصد مثل عقولنا. وأي شخص يعتقد أن الكون لديه خطة لنا أو أنه يمكن أن يتشاور مع «نفسه العليا» للحصول على مشورة طبية لا ينبغي له أن يشعر بأنه مدعوم من وجهة نظر شمولية الوعي الحديثة. فشمولية الوعي لا تدعم أي شيء من هذا القبيل. والبكتيريا التي تمتلك حدا أدنى من الوعي المتدفق عبر ذراتها تظل مجرد «بكتيريا». ستظل تفتقر إلى أدمغة وعقول معقدة، فما بالك بالعقول البشرية.

وكما يشير الفيلسوف جريج روزنبرج، عندما نفكر في فكرة أن البكتيريا أو الذرة تتمتع بمستوى من الخبرة الواعية، «من الواضح أننا لا نعزو إليها صفات خبراتنا أنفسنا»، ولكن بدلا من ذلك يمكننا أن نتخيل «نوعية حقل له طابع بمعنى «مجرد» للغاية مثل حقل تجاربنا، ولكن لا يمكننا تصوره «على وجه التحديد»، ولا يشبه تلك الخاصة بنا [خبرتنا الواعية].»

22

وبالطبع، فإن الاستنتاجات الخاطئة المستخلصة من سوء فهم شمولية الوعي - المتمثلة في أن الذرات، أو الخلايا، أو النباتات، تملك خبرة مماثلة لخبرة العقل البشري، على سبيل المثال - هي ذاتها التي تستخدم في الغالب للجدال ضد شمولية الوعي. ومع الأسف، يبدو من الصعب علينا جدا أن نتخلى عن الحدس بأن الوعي مساو للفكر المعقد. ولكن إذا كان الوعي في الواقع جانبا أساسيا أكثر مما كان يعتقد سابقا، فإن ذلك لا يعطي فجأة مصداقية لإيمان جارتك بأنها قادرة على التواصل عن بعد مع شجرة اللبخ لديها. وفي الواقع، إذا كانت ثمة صيغة صحيحة لمفهوم شمولية الوعي، فكل شيء سيظل يبدو لنا ويسلك السلوكيات نفسها التي يسلكها حاليا بالضبط.

الفصل السابع

ما وراء شمولية الوعي

تخيل أن تكون دماغا من دون أي أعضاء حسية متصلة به، أو أن تكون دماغا يطفو في الفضاء الخاوي أو في مسطح مائي ضخم. ثم تخيل حواسك توصل بجسدك، واحدة تلو الأخرى. لنبدأ بالبصر أولا. المحتوى الوحيد المتاح لك هو خبرة بصرية طفيفة. ربما يمكنك رؤية ضوء؛ ضوء نابض متفاوت السطوع يظهر ويختفي. حاول أن تتفهم هذا دون تضمين مفاهيم الذاكرة أو اللغة، بحيث لا يوجد أي شعور بتفكير ذاتي. «يا إلهي، لقد كان الظلام حالكا، ولكن ها قد عاد الضوء الآن مرة أخرى!» بدلا من ذلك، حاول أن تتخيل تدفقا بسيطا جدا من «الخبرات الأولى»: تعاقب الضوء والظلام، ثم ضوء أكثر سطوعا، ثم ضوء أكثر خفوتا، ثم ضوء نابض. بعد ذلك، تخيل الضوء الذي يأخذ أشكالا: ضوءا دائريا، شعاعا من الضوء، ضوءا يمتد إلى مسافة كبيرة. ربما يمكنك إضافة ألوان: ضوء محمر يتحول إلى برتقالي، ثم أصفر، ثم أزرق. تخيل الشعور بانعدام الشكل وانعدام الوزن. أنت تطفو بحرية في الفضاء، بلا أفكار أو مفاهيم؛ لا توجد كلمة «برتقالي» أو «أحمر»، هناك فقط الخبرة الخالصة لتلك الألوان. تصور أبسط خبرة يمكن تخيلها. بعد ذلك، أدخل الأصوات، ثم الأذواق، ثم الروائح؛ كل منها يصل تلو الآخر في شكل نقي قدر الإمكان. أنت ببساطة تختبر ما يصل إلى إدراكك، دون كلمات أو مفاهيم لوصف طبيعة الخبرة. وأخيرا، تخيل شعور اللمس قد نشط في شكل ضغط أو حرارة - مغطيا مناطق واسعة وفي مواقع صغيرة ومحددة - ليس في «جسدك» بالطبع - فليس لديك جسد - ولكن في مواقع في الفضاء. ...

من الصعب الاحتفاظ بهذا النوع من الصور الذهنية مدة طويلة، ولكن يمكننا الحصول على ما يكفي من الإحساس بمثل هذه الحالة لتخيل أن شيئا كهذا، «ممكن» على الأقل.

نامعلوم صفحہ