قال عثمان: وإذا أسفر الهدى وحصحص الحق؟
208
قال أبو حذيفة: فقد وجب علينا أن نهتدي ونتبع الحق، متى تستصحبني إلى محمد؟
قال عثمان: الآن إن شئت.
وأمسى أبو حذيفة مسلما، ودخل بإسلامه على ثبيتة، فلم تكد تسمع له حتى آمنت بمحمد وما جاء به. وسمع الغلام سالم حديثهما فمالت إليه نفسه، وإذا هو يؤمن كما آمنا، ولم يتقدم الليل حتى زادت بيوت الإسلام في مكة بيتا.
وتمضي أيام قليلة وإذا ثبيتة تعلم أن محمدا يدعو إلى إعتاق الرقيق، ويعد الذين يفكون الرقاب مغفرة من الله ورحمة ورضوانا، فتدعو إليها غلامها ذاك الفارسي وتقول له: اذهب سالم؛ فإني قد سيبتك لله عز وجل، فوال من شئت .
قال سالم لأبي حذيفة: فهل لك في أن تكون لي وليا؟
قال أبو حذيفة: هيهات! لن أتخذك مولى، وإنما أنت ابن لي منذ اليوم.
13
دخل عبد الله بن سهيل بن عمرو على أخته سهلة بنت سهيل زائرا عند زوجها أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، فرأى منها إقبالا عليه أكثر مما تعود أن يرى منها منذ حين، ووقع ذلك من نفسه موقعا حسنا، فجعل يحدث أخته بما شاء من أحاديث قومه، يريد أن يسرها ويفكهها؛ يعبث بالشيوخ وذوي الأسنان من قريش طورا، ويتندر بمرح الشباب من قريش طورا آخر، وأخته تسمع له فتضحك وتعجب، وتهم أن تشاركه في بعض حديثه وأن تذكر معه أيام الصبا، ولكنها لا تلبث أن تكف نفسها عن ذلك وأن تؤثر الصمت، وتدعوه إلى أن يقول. وقد لاحظ عبد الله أن أخته على نشاطها له وإقبالها عليه ربما عرض لها شيء من ذهول بين حين وحين، كأنما كانت تغيب عنه ثم تثوب إليه.
نامعلوم صفحہ