112
ويمد سحيم بن سهيل نظره إلى الفتاة، ثم يرده إلى نفسه ووجهه يزداد إشراقا وابتساما، ولسانه لا يزيد على أن يقول: حمامة رشيقة أنيقة ورب البيت! ثم يخرج الفتاة من هودجها حفيا بها
113
متلطفا لها يقول: لا تراعي، لا تراعي يا ابنتي، فلن أريد بك سوءا، ولن يمسك مني شيء تكرهينه. ثم يأخذ بيدها ويسعى بها مستأنيا،
114
والفتاة تطيعه، وكيف لها بغير الطاعة؟! حتى إذا دخل بها إلى أهله قال لامرأته في صوت حازم صارم: استوصي بهذه الحمامة خيرا؛ فإن دار خثعم ليست لها بدار، وإنما مكانها عند سيد من سادات قريش. ثم يخرج فيحرز الهودج والناقة والعبد، ويعدو ليدرك الناهبين من بني أبيه عسى أن يصيب من الغنيمة فوق ما أصاب.
ولم يمض شهر بعد ذلك اليوم حتى كان سحيم بن سهيل عند خلف بن وهب الجمحي في ضيعة له بالسراة، قد أقبل ومعه أميرته تلك الفتاة الحبشية حتى أناخ عند دار خلف، وتلقاه أهل الدار كما تعود العرب وكما تعودت قريش أن تتلقى ضيفها، ولكنه لم يكد يفرغ من تحيته حتى قال: لو تعلم بماذا أقبلت عليك يا سيد جمح!
قال خلف: بالخير، وما أقبلت قط إلا بخير.
قال سحيم: أقبلت عليك بابنة أخت الأمير، ذلك الذي أقبل غازيا للبيت فرده رب البيت مخذولا مدحورا.
115
نامعلوم صفحہ