25
أبا حذيفة بذلك، فلم ير أبو حذيفة بذلك بأسا، ولكنه رأى الفتى مترددا في نفسه، لا يقدم قلبه إلا ليحجم، وهو يجيل طرفه في الدار فعل من يجد في التحول عنها مشقة وحزنا، قال أبو حذيفة: إني لأراك مترددا محزونا يا فتى، وما أعرف أن داري قد ضاقت بك أو أن أحدا من أهلها قد نالك بمكروه، فما يمنعك أن تقيم فيها كما أقمت إلى الآن، حتى يتسع لك العيش وتتصل بك أسبابه متينة مطمئنة؟
قال الفتى: لا والله يا أبا حذيفة ما أنكرتني دارك ولا أنكرتها، وما لقيت من ضيافتك إلا خيرا، ولكن لي في دارك أربا
26
قد كنت أظن أني أستطيع السلو عنه، ثم تبين لي أن ليس لي إلى هذا السلو سبيل.
قال أبو حذيفة وقد أخذه العجب: لك في هذه الدار أرب؟! وما عسى أن يكون؟
فأطرق الفتى قليلا، وغشيت وجهه سحابة رقيقة عمراء،
27
ثم رفع رأسه وكأنه قد أجمع أمره على شيء عظيم، وقال - وعلى ثغره ابتسامة فيها كثير من الجراءة، وفيها كثير من الحياء: أمتك هذه السوداء التي تسمونها سمية، قد وقع حبها في قلبي يا أبا حذيفة، ولا والله ما كانت مني إليها ريبة في نظر أو حديث.
قال أبو حذيفة: فتريد أن أهبها لك؟
نامعلوم صفحہ