بصفائه، وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة بِرقَّتِه، ويجاهد أعداء الله تعالى، ويغلظ عليهم، ويشتد في الحق، ويصلب فيه بصلابته، فلا تُبْطِل صفةٌ منه صفةً أخرى (^١)، ولا تعاديها، بل تساعدها وتُعاضِدُها، ﴿أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩]، وقال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: ١٥٩]، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: ٧٣].
وفي أثرٍ: "القُلوبُ آنيةُ الله تعالى في أرْضه، فَأحَبُّها إليْهِ أرَقُّها، وَأصْلَبُها، وَأصْفَاها" (^٢) .
وبإزاء هذا القلب قلبان مذمومان في طرفي نقيض.
أحدهما: قلبٌ حَجَرِيٌّ قاسٍ لا رحمة فيه، ولا إحسان ولا بِرّ، ولا له صفاء يَرى به الحق، بل هو جبارٌ جاهل، لا عالمٌ بالحق، ولا راحمٌ للخلق (^٣) .
(^١) (ت): "فلا تبطل صفة منه أخرى".
(^٢) أخرجه الطبرانيُّ في "مسند الشاميين" (٢/ ١٩) عن أبي عنبة الخولاني مرفوعًا.
قال العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" (٢/ ١٦٩١):
"وإسناده جيّد". وانظر: "السلسلة الصحيحة" (١٦٩١).
ورُوِي من وجوهٍ أخرى مرفوعًا وموقوفًا.
(^٣) (ح) و(ق): "لا علم بالحقّ، ولا رحمة للخلق".