تاريخُ تصنيفِ الكتاب
ليس بين أيدينا نصٌّ يهدي إلى معرفةِ تاريخ كتابةِ المصنّف لهذا التأليف على وجه اليقين، أو إلى الوقوف على ترتيبه الزَّمني بين كتُبه؛ إلّا ما ورد منْ ذِكْره له في كتابيه: "طريق الهجرتين"، و"مدارج السالكين"، ووصفِه له فيهما، وإشادته به، ممّا يُبيِّنُ أسْبقيَّته في التأليف عليهما.
وثَمَّةَ ملاحظةٌ قد تُعين -إن ثبتت- على تقريب العلم بزمن تأليف الكتاب، وتُساعِدُ على تحديده. وهي أنّ ابن القيّم نَقل عن شيخِه المزِّيِّ أبي الحجّاج في مواضع عديدةٍ من كتبه (^١)، كما نَقل عنه في هذا الكتاب، إلّا أنّ نقله عنه هنا ورد بصيغة ذاتِ دلالةٍ خاصَّة، إذْ قال: "وقال شيخنا أبو الحجاج المِزِّيّ ﵀: إسناده على شرط البخاري" (^٢).
فإذا ثبت هذا، وعَلِمْنا أنَّ وفاة المزِّيِّ كانت سنة ٧٤٢، ووفاة ابن القيّم كانت سنة ٧٥١؛ خرجنا من ذلك بأنَّ تأليف الكتاب كان في هذه السنوات التسع ما بين هذَيْن التاريخَيْن.
لكنَّ ممّا يُضْعِفُ هذه القرينة تفرُّدُ النّسخة (م) بهذا النَّقلِ دون باقي النسخ، واحتمالُ إلحاقِ المصنف له بعد حينٍ من تأليفه، وكذا احتمالُ
_________
(^١) انظر: "ابن القيّم، حياته، آثاره، موارده" للشيخ بكر أبو زيد (١٧٧).
(^٢) انظر: الكتاب (ص: ٢٨٦).
المقدمة / 19