Voluntary Charity in Islam
صدقة التطوع في الإسلام
ناشر
مطبعة سفير
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
٥ - من أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى؛ لحديث حكيم بن حزام ﵁ عن النبي ﷺ قال: «اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن
تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغني يغنه الله». ولفظ مسلم: «أفضل الصدقة أو خير الصدقة عن ظهر غنىً، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول» (١).
وعن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى: وابدأ بمن تعول» (٢). ومعنى قوله ﷺ: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» أفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعدها مستغنيًا بما بقي معه، وتقدير: أفضل الصدقة ما أبقت بعدها غنىً يعتمده صاحبها، ويستظهر به على مصالحه، وحوائجه، وإنما كانت هذه أفضل الصدقة بالنسبة إلى من تصدق بجميع ماله؛ لأن من تصدق بالجميع يندم غالبًا، أو قد يندم إذا احتاج، ويودُّ أنه لم يتصدق بخلاف من بقي بعدها مستغنيًا، فإنه لا يندم عليها بل يُسرُّ بها (٣) وقال الحافظ ابن حجر ﵀: «والمعنى أفضل الصدقة ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية» (٤) (٥).
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنىً، برقم ١٤٢٧، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن اليد العليا هي المنفقة، وأن السفلى هي الآخذة، برقم ١٠٣٤.
(٢) البخاري، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، برقم ٤٢٦.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٣١.
(٤) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ٣/ ٢٩٦.
(٥) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الصدقة بجميع المال، قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى: «باب لا صدقة إلا عن ظهر غنىً، ومن تصدق وهو محتاجٌ، أو أهله محتاجٌ، أو عليه دينٌ، فالدين أحق أن يقضى: من الصدقة، والعتق، والهبة، وهو ردٌّ عليه، ليس له أن يتلف أموال الناس، وقال النبي ﷺ: «من أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» إلا أن يكون معروفًا بالصبر، فيؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة، كفعل أبي بكر ﵁ حين تصدق بماله، وكذلك آثر الأنصار المهاجرين، ونهى النبي ﷺ عن إضاعة المال، فليس له أن يضيِّع أموال الناس بعلة الصدقة، وقال كعب ﵁: قلت: يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله ﷺ، قال: «أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك». قلت: «فإني أمسك سهمي الذي بخيبر» [البخاري، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، قبل الحديث رقم ١٤٢٦]. قال الحافظ ابن حجر ﵀: «قال الطبري وغيره: من تصدق بماله كله في صحة بدنه وعقله، حيث لا دَين عليه، وكان صبورًا على الإضاقة، ولا عيال له، أو له عيال يصبرون أيضًا فهو جائز، فإن فُقِدَ شيء من هذه الشروط كره. وقال بعضهم: هو مردود، وروي عن عمر حيث رد على غيلان الثقفي قسمة ماله، ويمكن أن يحتج له بقصة المدبر الآتي ذكره؛ فإنه ﷺ باعه وأرسل ثمنه إلى الذي دبَّره؛ لكونه كان محتاجًا. وقال آخرون: يجوز من الثلث ويردُّ عليه الثلثان، وهو قول: الأوزاعي، ومكحول. ... وعن مكحول أيضًا يردُّ ما زاد على النصف.
قال الطبري: والصواب عندنا الأول من حيث الجواز، والمختار من حيث الاستحباب أن يجعل ذلك من الثلث جمعًا بين قصة أبي بكر وحديث كعب والله أعلم». [فتح الباري، ٣/ ٢٩٥].
وقال الإمام النووي ﵀: «وقد اختلف العلماء في الصدقة بجميع ماله فمذهبنا أنه مستحب لمن لا دَين عليه، ولا له عيال لا يصبرون، بشرط أن يكون ممن يصبر على الإضاقة، والفقر، فإن لم تجتمع هذه الشروط فهو مكروه». [شرح النووي على صحيح مسلم، ٧/ ١٣١]. وسمعت شيخنا ابن باز ﵀ أثناء تقريره على الحديث رقم ١٤٢٦، من صحيح البخاري يقول: «... الإنسان لا يتصدق على الناس ويترك من أوجب عليه الله ... الإنفاق عليه، إلا إذا آثرت الأسرة ذلك، فإذا آثرت الزوجة، أو الولد الكبير على نفسه فلا بأس، وهكذا من كان عليه دَين فإذا كانت الصدقة تضر بالدين فيبدأ بالدين، وكذا الحج إذا كان لا يستطيع قضاء الدين ...».
1 / 21