Virtues of the Companions - Muhammad Hasan Abd al-Ghaffar
فضائل الصحابة - محمد حسن عبد الغفار
اصناف
عمر محدث الأمة
قال أبو هريرة: قال رسول الله ﷺ: (لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في أمتي أحد فإنه عمر) محدثون أي: ملهمون، الملك ينطق على لسانه بالحق.
وهذا واقع نعرفه عن عمر بن الخطاب، فقد نطق الملك على لسانه في أكثر من واقعة، فوافق فيها عمر الحق.
فالرسول ﷺ مال إلى قول أبي بكر في افتداء الأسارى، وعمر بن الخطاب قال له: لا يا رسول الله! والله! لابد أن تعطيني فلانًا -قريبه- فأضرب عنقه، وتعطي فلانًا -قريبه- أبا بكر فيضرب عنقه، وتعطي علي بن أبي طالب عقيلًا فيضرب عنقه، فيعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة لمن لا يؤمن بالله ورسوله، فمال النبي ﷺ لقول أبي بكر فأنزل الله: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾ [الأنفال:٦٧].
وأيضًا في مسألة الحجاب لما قال: إنه يدخل عليهن مريض القلب وغيره، وقد وافق ربه.
أيضًا في الصلاة على المنافقين عندما اعترض على رسول الله ﷺ وقال: منعك الله من ذلك، فقال: (اتركني يا عمر! فإن الله خيرني ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [التوبة:٨٠] فقال: والله! لو علمت أن الله سيغفر لهم بأكثر من سبعين لاستغفرت لهم)، فأنزل الله الآية موافقًا لـ عمر ﴿وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ [التوبة:٨٤] فوافق الله جل في علاه في أكثر من موضع.
وجاء في البخاري عن أبي سعيد الخدري ﵁ قال: قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: (بينما أنا نائم رأيت الناس عرضوا علي وعليهم قمص، فمنها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجتره.
قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: أولته الدين).
إذًا رؤيت لـ عمر رؤيتان: الرؤية الأولى: أنه كان يشرب اللبن، وهذه دلالة على العلم، والرؤية الثانية: قميص يجره، وهذه دلالة على قوة الدين.
وروي أن النبي ﷺ لما وصف منكرًا ونكير قال: (يا عمر! ماذا تفعل معهما؟)، ومنكر ونكير هما صاحبا سؤال القبر (فقال: يا رسول الله! أهما خلق من خلق الله؟ قال: هما خلق من خلق الله؟ فقال عمر: والله! لأسألهما كما يسألاني: من ربكما؟ وماذا تقولون في الرجل الذي بعث فينا؟) أو كما جاء في الأثر.
فانظروا إلى القوة في الحق! ونسأل الله جل وعلا أن يقوينا ويجعلنا في قوة عمر في الحق، أذلاء على المؤمنين، نعمل لرضا الله جل في علاه، ويجمع بيننا وبينه مع النبي ﷺ في الفردوس الأعلى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
4 / 6