وقد يكون في هذا الكلام شيء من المبالغة، ولكن لا مبالغة في أن الملكة قبضت على أزمة المملكة بيديها قبل اقترانها، وأشركت زوجها معها مدة حياته ثم استقلت بالملك بعد وفاته، وهي التي فضت كثيرا من المشاكل الداخلية والخارجية، ولولاها لبلغ بسمارك مأربه من إنكلترا بمعاضدة روسيا، ولاشتركت إنكلترا في الحرب الأمريكية الأهلية سنة 1861 وفي الحرب الأوروبية سنة 1864 فعادت منهما بالخزي والخسران، ولولاها ما بلغ مجد إنكلترا ما بلغه في مشارق الأرض ومغاربها، وكانت في كل ذلك محافظة على نظام البلاد الدستوري وجارية بحسب إرادة شعبها.
الفصل العاشر
أولاد الملكة
رزقت الملكة فكتوريا خمس بنات وأربعة بنين على هذا الترتيب: (1)
البرنسس فكتوريا إمبراطورة الألمان، ولدت سنة 1840، واقترنت سنة 1858 بفردرك وليم الذي صار إمبراطورا لألمانيا وهو أبو الإمبراطور الحالي، فإن ذلك البرنس زار بلاد الإنكليز ورأى البرنسس فكتوريا وطلب الاقتران بها فأجابته إلى ما طلب وعرض الأمر على مجلس النواب فأقر عليه أعضاؤه كلهم بلا خلاف، وأقروا أيضا على إعطائها أربعين ألف جنيه صداقا وثمانية آلاف جنيه كل سنة مدى الحياة، واحتفل بزيجتها في الكنيسة الملكية بقصر سنت جمس في الخامس والعشرين من شهر يناير سنة 1858، وتوفي زوجها الإمبراطور فردرك الأول في 15 يونيو سنة 1888 فخلفه ابنها ولهلم الثاني الإمبراطور الحالي. (2)
البرنس ألبرت إدورد برنس أوف ويلس، ولد في التاسع من نوفمبر (ت2) سنة 1841، واقترن بالبرنسس ألكسندرا ابنة كرستيان التاسع ملك الدنمارك في العاشر من شهر مارس (آذار) سنة 1863، فرزق منها ابنين: البرنس ألبرت فكتور ولد سنة 1864 وتوفي سنة 1892، والبرنس جورج دوق ولد سنة 1865، وثلاث بنات: لويزا زوجة دوق فيف، ومود زوجة البرنس كارل الدنماركي وفكتوريا، وفي حياة برنس أوف ويلس وحياة زوجته أمور كثيرة لا يليق الإغضاء عن ذكرها، ولو التزمنا الاختصار التام في هذه الفصول.
ولدت البرنسس ألكسندرا زوجة برنس ويلس سنة 1844، ولم يكن أبوها ملكا ولا كان قريبا من سرير الملك بل لم يكن نسبه متصلا بنسب ملك الدنمارك إلا في أسلافهما في القرن الخامس عشر، ثم ترجح أن الملك سيموت بلا عقب فيخلفه أبوها؛ إذ لا أقرب منه إليه، ويقال إنه لم يكن على شيء من الثروة في ذلك الحين، ولكن لما ظهر أنه ولي العهد حسنت حاله، حتى إذا صارت البرنسس ألكسندرا في السادسة عشرة من عمرها كان قادرا على السياحة معها في مدائن أوروبا، واتفق أن برنس أوف ويلس لقيها أكثر من مرة في سياحته فوقعت عنده موقعا عظيما وخطبها إلى أبيها سنة 1862، فسر أهالي إنكلترا وأهالي الدنمارك بهذه الخطبة لا سيما وأن البرنس خطبها حبا بها لا لغرض سياسي كما يحدث كثيرا في زيجة الملوك، ولما حان الوقت المعين للزيجة جاء بها أبوها وأمها وإخوتها إلى البلاد الإنكليزية فبلغوها في السابع من شهر مارس سنة 1863، فرحبت بها البلاد أعظم ترحيب واحتفل بالزيجة في العاشر من مارس في كنيسة قصر وندزور، ولم تحضر الملكة الاحتفال رسميا لحدادها على زوجها، بل أقامت وراء مشبك ترى منه الاحتفال ولا ترى.
شكل 10-1: البرنس أوف ويلس.
شكل 10-2: برنسس أوف ويلس وبناتها.
ومن ذلك الحين إلى الآن امتزجت حياة هذه الأميرة بحياة زوجها وأولادها، فلا يراها الإنكليز إلا معهم أو مهتمة بأعمال البر، وقد أحبوها حبا صادقا لجمالها ودعتها وفضائلها الكثيرة حتى قال أحد أساقفة الكنيسة الإنكليزية: «إنها مقيمة في قلوب شعبها.»
نامعلوم صفحہ