ثقافتی بنیادیں برائے قومیں: ہائیرارکی، عہد اور جمہوریت
الأسس الثقافية للأمم: الهرمية والعهد والجمهورية
اصناف
اليوم تلعب عقيدة التضحية هذه دورا محوريا في انتشار الثقافة العامة المميزة لأفراد المجتمع. وكمثال للاحتفاء العمومي جدا بالأمة وعبادتها، أصبحت عقيدة التضحية مرتبطة عن كثب بمثال التجديد والإحياء القومي. بحلول منتصف القرن التاسع عشر، لم يكن الأبطال القتلى وحدهم هم من تحيى ذكراهم، بل صارت مثل هذه الاحتفالات تشمل جيوشا كاملة وكل الذين سقطوا من أجل «الوطن». في وقت مبكر من تلك الفترة، أصبح البانثيون مستودع رفات كل رجال فرنسا العظماء، في حين أن قوس النصر الذي صممه المهندس شالجرين، وبدأ بناؤه عام 1806، وكان إهداء في البداية لنابليون وجيشه الكبير، فإنه بدأ يضم بداية من ثلاثينيات القرن التاسع عشر رفات كل الذين ماتوا من أجل الوطن، بحيث أصبح من المنطقي والملائم أن يضم عام 1919 مقبرة الجندي المجهول. وفي أوائل القرن العشرين، بدأت الأنصاب التذكارية للجنود القتلى في الانتشار، ووصلت ذروتها مع المقابر الهائلة، والأضرحة، والقبور الجوفاء التي بنيت إبان الحرب العالمية الأولى. في هذا الصدد، اندمجت فكرتان متلازمتان، هما: البعث الديني والتجديد القومي في عقيدة «الميت المجيد» الذي قدم هذه التضحية الكبرى من أجل الأمة، والذي تتجدد ذكراه للأبد، مثل الأمة نفسها. وأصبحت بعض هذه الأنصاب التذكارية مواقع تقام فيها احتفالات مصممة وتؤدى فيها طقوس منظمة من أجل الجنود الوطنيين وكل الذين سقطوا قتلى، مبدلين بذلك وجه هول المذابح الجماعية من خلال مثال التضحية القومية بالذات الرافعة للمعنويات. ومن خلال مثل هذه الطقوس والمراسم، وأعلامها وأناشيدها، ظهرت الثقافات العامة المميزة للأمم الجماهيرية الحديثة فيما أطلق عليه جورج موسى «الدين المدني» للعوام، وهو دين عباداته وطقوسه مصممة على غرار أشكال سابقة من العبادة المسيحية.
30
كل من هذه الموارد الثقافية، بصرف النظر عن طريقة اختيارها واستخدامها، يصبح مع الوقت مقدسا ولا يمكن استبداله. إنها، مجازا، دعائم الأمة، التي تدعم الإحساس بالهوية القومية أثناء الفترات الحرجة. كلما زادت هذه الموارد وازداد تطورها وتوسعها، أصبح الإحساس بالهوية القومية أكثر قوة وأكثر استمرارية، وزاد احتمال التغلب على آثار التفكك الناتجة عن التشظي المحلي والكوزموبوليتانية المعولمة. ويتمثل التأثير الشامل لهذه الموارد في تدعيم الأمة كاجتماع مقدس للناس، والدفاع عن «الدين السياسي» للقومية، وإثبات صحته من خلال إمداده بالموارد الثقافية والعناصر المقدسة المتمثلة في الأساطير والذكريات والتقاليد والرموز العرقية، التي تؤدى في الطقوس والمراسم الشعبية، والمنشورة في المدارس ووسائل الإعلام. بهذه الطريقة، فإن القومية بوصفها شكلا سياسيا للدين المدني تمثل نموذجا للأمة التي تعتبر جماعة مقدسة من المواطنين؛ ذلك أن في هذه الصورة يكون الناس متوافقين «فعلا» رغم خلافاتهم وصراعاتهم الكثيرة الكامنة، ويعكس نموذج الأمة تلك الوحدة الداخلية في اللحظة المقدسة المتمثلة في الاجتماع الشعبي.
31
خاتمة
في هذا الفصل، عددت بإيجاز بعض العمليات الأساسية لتكوين الأمة، وهي: تعريف الذات، وتنمية الموارد الرمزية، والأقلمة، ونشر ثقافة عامة متميزة، وتوحيد القوانين العامة والأعراف والالتزام بها. إلا أن جل ما تفعله هذه العمليات هو توفير الظروف الضرورية ل «ظهور» الأمم؛ فهي في حد ذاتها لا تفسر طول بقاء الأمم، ولا الطرق التي من خلالها يمكن لأفراد تلك الأمم النجاة من مخاطر الوجود الاجتماعي. إن ضمان صمود الأمم و«استمراريتها» يتطلب، بالإضافة إلى تلك العمليات، إنماء موارد ثقافية معينة للهوية القومية، وهذه الموارد هي: أساطير الأصل والانتخاب العرقي، والانتماء إلى أوطان مقدسة، وذكريات العصور الذهبية، ومثل التضحية والمصير. هذه الموارد الثقافية، كما سنرى، مشتقة في الأساس من موارد ثقافية لجماعات عرقية سالفة وتقاليد دينية قديمة؛ ومن ثم، يصبح من الضروري تفسير استمرارية الأمم وشكلها من حيث التقاليد الثقافية الطويلة الأمد النابعة في الأساس من أنواع معينة من تراث العالم القديم.
الفصل الثالث
المجتمع في العصور القديمة
إن أي محاولة لفهم التقاليد التي تكونت من خلالها مختلف أنواع الأمم والهويات القومية في أواخر العصور الوسطى وأوائل العصر الحديث؛ لا يمكن أن تتجنب وجهة نظر تاريخية عميقة تعود إلى الشرق الأدنى القديم والعالم اليوناني الروماني القديم، ويمكن لوجهة النظر تلك وحدها أن تمدنا بإطار تاريخي مقارن لدراسة «التاريخ السلالي» الثقافي للأمم. (1) الغائية و«الأمم القديمة»
رغم ذلك، فإن مناقشة احتمالية وجود أمم فيما قبل العصر الحديث تتطلب عناية فائقة حتى نتجنب، قدر الإمكان، أي عواقب للقراءة الغائية للسجل التاريخي.
نامعلوم صفحہ