404

الاحتياط بالخلو عن الفعل والترك غير ممكن ، والالتزام بأحدهما ليس فيه حفظ للحكم الشرعي ؛ إذ هما متساويان من حيث لزوم الموافقة الاحتمالية والمخالفة الاحتمالية.

وإن كانت واقعة كلية يتحقق فيها المخالفة التدريجية ، فجعل الإباحة فيها بمعنى جواز الفعل مرة والترك اخرى ، وبعبارة اخرى الإباحة الاستمرارية فهو وإن كان منة لكونه أسهل من بناء العمل أولا على أحدهما تخييرا ولزوم البقاء على ما بنى عليه ، إلا أنه غير ممكن ؛ لكونه ترخيصا في المخالفة القطعية بدون جعل شيء بدلا للامتثال.

وأما الالتزام القلبى بالإباحة فقد قلنا : إنه لا يجري هنا وان قلنا بثبوت مثله في الخبرين المتعارضين ، والفرق بين المقامين قد مر سابقا وحاصله أن دليل الأصل مثل هذا الحديث غير متعرض إلا لحيث مقام العمل ، ولا إشعار فيه بمقام الالتزام فضلا عن الدلالة ، فمدلولها الإباحة بمعنى ترخيص الفعل والترك ورفع البأس عنهما ، لا بمعنى لزوم عقد القلب عليها ، بخلاف قوله عليه السلام في الخبرين المتعارضين : «وإذن فأنت مخير» يعني في الأخذ بأيهما كما في قوله في رواية اخرى : «بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك» فإن الظاهر من الأخذ التعبد بطريقية الخبر والبناء القلبي على حجيته دون صرف العمل الخارجى على طبقة ، ولو كان هو أيضا كذلك للزم طرحه لمخالفته لحكم العقل ، هذا في الإباحة الاستمرارية.

وأما الإباحة البدوية فهي غير موافقة للمنة ؛ إذ ليس للشارع جعل احتياط من هذه الجهة بأن يلزم البناء من أول الأمر على خصوص الفعل أو على خصوص الترك ؛ إذ ليس فيه حفظ للحكم ، لمساواتهما في لزوم الموافقة والمخالفة الاحتماليين ، كما في الشبهة الشخصية.

وبالجملة ، في الشبهة الحكمية من حيث الإباحة الاستمرارية جعل الإباحة موافق للمنة ، لكن غير ممكن ، ووجه عدم إمكانه مر سابقا ، وهذه الشبهة من حيث الإباحة البدوية وكذا الشبهة الموضوعية كالمرأة المرددة ليس جعل الإباحة فيهما

صفحہ 407