348

كان هذه الكلمة مستعملة في معناها ولا يجوز فيها ، فكذا نقول في الهيئة أيضا أنها وإن كان لا يجوز فيها لو استعملت في كل من الأقسام لكنها ينصرف عرفا إلى النوع الخاص الذي هو الإيجاب النفسي التعييني العيني.

ويمكن التمسك في حمل الصيغة على ذلك بوجه آخر وهو الأصل العملي دون الظهور اللفظي كما على تقدير الأخذ بالمقدمات أو الانصراف ، والمراد بالأصل العملي ليس هو البراءة ؛ لوضوح أن مقتضاها الندب ، وعلى فرض الوجوب هو التخييري ؛ فإن مرجع الشك إلى أنه هل يعاقب على ترك إكرام الزيد مطلقا ولو أكرم عمروا ، أو أنه معاقب لو ترك إكرام جميعهما؟ ولا شك أن مقتضى البراءة هو الثاني ، وكذا مقتضاها الغيرية والكفائية كما هو واضح ، بل المراد أن يقال : إن الحجة والبرهان على نفس الإرادة موجودة وهو نفس الصيغة ، وعلى غيرها أعني الترخيص والإذن في الترك غير موجودة.

فالمكلف لو عصى فلا عذر له عند المولى لو عاتبه على الترك فيقول له : أما اطلعت على إرادتى وأما كانت الإرادة مقتضية للإيجاد ، فمع وجود المقتضي للإيجاد وعدم المقتضي للترك لم تركت؟

وكذا لو وصل من المولى طلب إكرام الزيد بقوله : أكرم زيدا وقلنا لا ظهور للصيغة في التعييني ؛ فإنه لو لم يكرم الزيد وأكرم عمرا باحتمال أن يكون أمرا تخييريا بينه وبين الزيد فيقول له المولى : أنا اردت منك إكرام الزيد وأنت تجيبني بإكرام عمرو ، فلو كان المراد في الواقع تعيينيا فالعقاب ليس بلا حجة وبيان وإن قلنا بظهور اللفظ في الجامع ليس إلا.

وكذا لو قال : انصب السلم وقلنا بأنه ليس له انصراف إلى النفسي وكان المراد في الواقع نفسيا ، فصعد المكلف على السطح من طريق الدرج ، فيكون للمولى حجة على هذا العبد ويصح عقابه ويقول له : كان لك الحجة على نفس إرادة نصب السلم ولم يكن لك حجة على المقدار الزائد أعني : كون هذه الإرادة مرتبطة بإرادة شيء آخر ، ومجرد احتمال ثبوته في الواقع لا يكون بحجة ، وكذا الكلام في العيني.

والحاصل أن اللفظ وإن كان موضوعا للقدر المشترك بين النوعين وظهوره

صفحہ 351