اليد عن الظهور المذكور ، يعني لا يمكن الأخذ بمجموع الظهورين ، فيدور الأمر حينئذ بين التصرف في المطلق ورفع اليد عن ظهوره في الإطلاق بحمله على المقيد وبين التصرف في المقيد بأحد نحوين : إما بجعل الأمر المتعلق به إرشادا إلى الخصوصية المشتملة على الفضل ، فيكون الأمر في قوله : أعتق رقبة مؤمنة مثل الأمر فيما إذا كان أصل وجوب الصلاة مثلا مفروغا عنه عند المتخاطبين ، ومع ذلك أمر بالصلاة في المسجد للإرشاد إلى أن الصلاة المفروغ عن وجوبها يكون من الفضل ، وإلا لمستحب إتيانها في المسجد ، وإما بجعل الأمر المتعلق بالمقيد مثل الأمر فيما إذا علق الأمر الساري من مطلق الصلاة إلى أفرادها على الصلاة في المسجد وكان تخصيص هذا الفرد من بين أفراد الصلاة بالذكر للإرشاد إلى ما فيه من الفضل ، والأول تصرف في هيئته الأمر بحملها على الاستحباب ، والثاني تصرف في ظهور القيد في كونه دخيلا في موضوع الوجوب.
وبعبارة اخرى : الأمر بالطبيعة المقيدة يمكن على أنحاء ثلاثة ، الأول : أن يكون إيجابا للمقيد بما هو مقيد ، والثاني : أن يكون للإشارة إلى فضيلة خصوصية إضافة الطبيعة إلى القيد مع الفراغ عن وجوب أصل الطبيعة ، فيكون الكلام في قوة أن يقال : يستحب إتيان هذه الطبيعة الواجبة بهذه الخصوصية ، والثالث : أن يكون أمرا إيجابيا لكن لم يتعلق بهذا المقيد بنفسه بل من باب كونه من مصاديق الطبيعة الواجبة ؛ فإنه يصح نسبة الوجوب المتعلق بأصل الطبيعة إلى جميع أفرادها على نحو التخيير العقلي ، ومن جملة الأفراد المقيد بالقيد الخاص ، فيصح الأمر الإيجابي به بلحاظ الطبيعة الموجودة في ضمنه ويكون اختيار هذا المقيد من بين الأفراد الواجبة بوجوب الطبيعة تخييرا للإشارة إلى الفضيلة الكائنة فيه. ولا فرق في هذا الوجه بين أن يكون ذهن المخاطب مسبوقا بأصل وجوب الطبيعة أو لم يكن.
وبالجملة ، فعلى هذا لا شبهة في كون الهيئة مستعملة في الوجوب ولكن القيد لم يؤت به لأجل دخله في موضوع الوجوب وقوامه به ، بل للإرشاد إلى الفضيلة الكائنة فيه ، فيكون من هذه الجهة خلاف الظاهر ، وأما الثاني فهو خلاف الظاهر من
صفحہ 342