الوجوب والحرمة فحكم الشارع فيه تغليب الحرمة.
وفيه أولا : أن الاستقراء لا يحصل بهذا المقدار ، وثانيا : أن المسألة الثانية ليست مما تعارض فيه الوجوب والحرمة ؛ إذ لا حرمة فيها في البين أصلا ، وذلك لعدم حرمة استعمال الماء النجس في الوضوء وعدم حرمة الدخول معه في الصلاة ، غاية الأمر عدم الإجزاء في المقامين ، وكذا المسألة الاولى لو قلنا بعدم الحرمة الذاتية لصلاة الحائض وكون النهي للإرشاد إلى فقدان شرطها وهو الطهارة ، كما عليه المشهور ، كما يظهر من حكمهم في موارد اشتباه حال الدم وعدم الفتوى بالاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة ؛ إذ لا يمكن الاحتياط على القول بالحرمة الذاتية ؛ لدوران أمر الصلاة بين الوجوب والحرمة.
وأما لو قلنا بالحرمة الذاتية فالصلاة المذكورة وإن كانت مما تعارض فيه الوجوب والحرمة ، إلا أن تغليب الحرمة فيها لم يعلم كونه من جهة مراعاة نفس الحرمة ؛ لاحتمال أن يكون لأجل وجود الأصل الموضوعي في طرفيها أعني : الاستصحاب وقاعدة الطهارة ، فلو فرض وجود هذا الأصل في طرف الوجوب كان هو المقدم كما في الصلاة في أول زمان رؤية الدم قبل استقرار العادة لو قلنا بعدم جريان قاعدة الإمكان هنا واختصاصها بما بعد استقرار الحيضية بمضي الثلاثة ، فيحكم فيها بالوجوب ؛ لوجود الأصل الموضوعي في طرفه وهو استصحاب الطهارة.
بقي الكلام في أن الحكم في مسألة التوضؤ من الإنائين بعد عدم الحرمة ما ذا وإن كان أجنبيا عن المقام ، فنقول : في بعض الأخبار أنه «يهريقهما ويتيمم» فيحتمل أن يكون مورد هذا الأخبار أعم مما إذا كان كل من الماءين بقدر الوضوء فقط ومما إذا كان الماء الثاني بقدر التطهير والوضوء أو كان كرا.
وحينئذ يكون الحكم بإهراق الماءين والتيمم تعبديا ، ويحتمل أن يكون خصوص ما إذا كان كل منهما بقدر الوضوء خاصة ، فيكون الحكم حينئذ على وفق القاعدة ، إذ مقتضي القاعدة رفع اليد من هذين الإنائين ؛ إذ يلزم من استعمالهما القطع
صفحہ 224