207

وكيف كان فعلى القول بالجواز فمثل الصلاة في الحمام مما تعلق النهي فيه ظاهرا بالمقيد لا بالأمر الخارج كالكون في الحمام ولم يوجب ذلك تقييد في المطلق يلزم بحكم العقل إرجاع النهي المتعلق به إلى التقيد والخصوصية ، والقول بأن نفس الصلاة في الحمام مثلا لا نقص في مطلوبيتها أصلا ، بل في إيقاع هذا المطلوب النفيس في الحمام ركاكة وحزازة نظير وضع الدر الثمين في الخزف ، والتقيد وإن كان ليس له في الخارج وجود على حده ، إلا أنه في الذهن قابل للانفكاك عن الطبيعة ، فحال هذا القسم عند المجوز حال القسم السابق في محفوظية الأمر والنهي الفعليين ، غاية الأمر أنه اجتمع مورداهما هناك بحسب الصدق وهنا بحسب المورد دون الصدق ، وأما على الامتناع فيمكن أن يكون النهي متعلقا بالتقيد واقتضائيا يعني أن هذا التقيد من حيث هو ولو خلي والطبع مكروه ، وهذا النهي لا يصير فعليا لوجود المانع معه أبدا وأن يكون متعلقا بالمقيد وإرشاديا للإرشاد إلى ما ليس فيه حزازة من سائر الأفراد.

وأما القسم الأخير فالحال فيه أشكل من سابقه ، وذلك لما ادعوا عليه الإجماع من كون الفعل في هذا القسم عبادة ومع ذلك يكون الترك أرجح كما يظهر من هذا ومنهم عليهم السلام عليه ؛ فإن مقتضى الأول رجحان الفعل ومرجوحية الترك ، ومقتضي الثاني العكس ، وهذا محال حتى عند المجوز لوجهين ، اتحاد الوجه وعدم المندوحة ، فيلزم التفصي عليه أيضا.

وما يمكن أن يتفصى به كل من المجوز والمانع من هذا الإشكال أحد أمرين ، الأول : أن يقال : إن للعبادة ضدا لا يمكن الجمع بينه وبينها وهو ارجح منها ، ولكن لما كانت عقولنا قاصرة عن إدراكه علق الطلب المتعلق به حقيقة إلى ترك العبادة ونسب إليه بالعرض والمجاز ، نظير طلب ترك الحركة عند تعلق الغرض بالسكون أو عكسه.

والحاصل أن الترك من حيث إنه ترك العبادة مرجوح ولم يحدث فيه من قبل هذا القيد رجحان أصلا وإنما نسب إليه الطلب بالعرض والمجاز وإلا فهو متعلق في

صفحہ 210