وأما الشكاك فالذين قالوا : لا ندري أي الأسماء أصابوا ، ولا أيهم بلغوا ، يؤول (1) بهم ذلك إلى أن يجهلوا منزلتهم ولا يعرفون أنهم على هدى ولا على ضلال ، لأنهم لو عرفوا أنهم على هدى لعرفوا أن من خالفهم على ضلال ، لأنهم يقرون أنه ليس بين الهدى والضلال منزلة ينزل بها أحد ثم إنهم جمعوا الجبابرة والمحدثين من المتأولين وكل صاحب شهوة يسمونهم بالإيمان أحيانا ثم يلعنونهم أحيانا بلا (2) علم بموقع اللعنة ، ويستغفرون لهم ويتولونهم بلا علم بموقع الاستغفار ، ويستحلون من أوليائهم ومن مخالفهم (3) أحيانا ما يحرمون أحيانا : يستحلون دماءهم وأموالهم ؛ ثم قالوا : لا نقاتل من قال : (( لا إله إلا الله )) ، ثم يقاتلونهم أحيانا ، ويأخذون أموالهم ، وليس لهم دين موصوف ولا لدين الله عندهم معرفة . وضلالتهم أعجب وأكثر من أن يستطاع صفتها ؛ وكل من وصفت لك من المحدثين يدينون بما يقولون ويدعون الناس إليه ، ويزعمون أن الله نهاهم عن غيره من الأديان ، فهم مستحلون للحرام ومحرمون للحلال .
وقد اختلفت المرجئة فيما بينهم ، والصفرية أيضا فيما بينهم ، والمعتزلة حتى إن منهم من يوسع جهل القيامة والبعث والحساب ، لأنهم جعلوا الإيمان كله توحيدا .
وقد اتفقت المرجئة والصفرية بدءا أن الإيمان كله توحيد ، واختلفوا بعد ذلك في صفته ، فقالت الصفرية : من ترك العمل أشرك . وقال المرجئة : لا يشرك ولا ينافق ، وجعلوا التوحيد بعضه يسع جهله ، وبعضه لا يسع جهله ؛ فلو جعلوا ما يسع جهله من الإيمان غير التوحيد لدخلوا في قول المسلمين .
[ نقض شبهات السبئية ]
صفحہ 59