فانسد باب التخصيص بذكر الكل وذكر الكل احتمل تأويل التفرق فقطعه بقوله اجمعون فصار مفسرا وحكمه الإيجاب قطعا بلا احتمال تخصيص ولا تأويل إلا أن يحتمل النسخ والتبديل فإذا ازداد قوة واحكم المراد به عن احتمال النسخ والتبديل سمى محكما من احكام البناء قال الله تعالى
﴿منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات﴾
وذلك مثل قوله تعالى
﴿أن الله بكل شيء عليم﴾
واما الأربعة التي تقابل هذه الوجوه فالخفي اسم لكل ما اشتبه معناه وخفي مراده بعارض غير الصيغة لا ينال إلا بالطلب وذلك مأخوذ من قولهم اختفى فلان أي استتر في مصره بحيلة عارضة من غير تبديل في نفسه فصار لا يدرك إلا بالطلب وذلك مثل النباش والطراد وهذه في مقابلة الظاهر ثم المشكل وهو الداخل في أشكاله وامثاله مثل قولهم احرم أي دخل في الحرم واشتى أي دخل في الشتاء وهذا فوق الأول لا ينال بالطلب بل بالتامل بعد الطلب ليتميز عن اشكاله وهذا لغموض في المعنى أو لاستعارة بديعة وذلك يسمى غريبا مثل رجل اغترب عن وطنه فاختلط بأشكاله من الناس فصار خفيا بمعنى زائد على الأول ثم المجمل وهو ما ازدحمت فيه المعاني واشتبه المراد اشتباها لا يدرك بنفس العبارة بل بالرجوع إلى الاستفسار ثم الطلب ثم التأمل و ذلك مثل قوله تعالى
﴿وحرم الربا﴾
فإنه لا يدرك بمعاني اللغة بحال وكذلك الصلوة والزكوة وهو مأخوذ من الجملة وهو كرجل اغترب عن وطنه بوجه انقطع به اثره والمشكل يقابل النص والمجمل يقابل المفسر فإذا صار المراد مشتبها على وجه لا طريق لدركه حتى سقط طلبه ووجب اعتقاد الحقيه فيه سمى متشابها بخلاف المجمل فان طريق دركه متوهم وطريق درك المشكل قائم فأما المتشابه فلا طريق لدركه إلا التسليم فيقتضي اعتقاد الحقية قبل الاصابة وهذا معنى قوله
﴿وأخر متشابهات﴾
وعندنا أن لا حظ للراسخين
صفحہ 9