قال الشيخ رضي الله عنه إما العقل فنور يضيء به طريق يبتدأ به من حيث ينتهي اليه درك الحواس فيبتدئ المطلوب للقلب فيدركه القلب يتأمله بتوفيق الله تعالى وانه لا يعرف في البشر إلا بدلالة اختياره فيما يأتيه ويذره ما يصلح له في عاقبته وهو نوعان قاصر لما يقارنه ما يدل على نقصانه في ابتداء وجوده وهو عقل الصبي لان العقل يوجد زائدا ثم هو بحكم الله تعالى وقسمته متفاوت لا يدرك تفاوته فعلقت احكام الشرع بادني درجات كماله واعتداله واقيم البلوغ الذي هو دليل عليه مقامة تيسيرا والمطلق من كل شيء يقع على كماله فشرطنا لوجوب الحكم وقيام الحجة كمال العقل فقلنا أن خبر الصبي ليس بحجة لان الشرع لما لم يجعله وليا في أمر دنياه ففي أمر الدين اولى وكذلك المعتوه واما الضبط فان تفسيره سماع الكلام كما يحق سماعه ثم فهمه بمعناه الذي أريد به ثم حفظه ببذل المجهود له ثم الثبات عليه بمحافظة حدوده ومراقبته بمذكراته على اساءة الظن بنفسه إلى حين ادائه وهو نوعان ضبط المتن بصيغته ومعناه لغة والثاني أن يضم إلى هذه الجملة ضبط معناه فقها وشريعة وهذا اكملها و المطلق من الضبط يتناول الكامل ولهذا لم يكن خبر من اشتدت غفلته خلقة أو مسامحة و مجازفة حجة لعدم القسم الأول من الضبط ولهذا قصرت رواية من لم يعرف بالفقه عند معارضة من عرف بالفقه في باب الترجيح وهو مذهبنا في الرجيح ولا يلزم عليه أن نقل القرآن ممن لا ضبط له جعل حجة لأن نقله في الأصل إنما ثبت بقوم هم أئمة الهدى وخير الورى ولأن نظم القرآن معجز يتعلق به أحكام على المخمصوص مثل جواز الصلوة وحرمة التلاوة على الحائض والجنب فاتبره في نقله نظمه وبنى عليه معناه فأما السنة فإن المعنى أصلها والنظلم غير لازم فيها ولأن نقل القرآن ممن لا يضبط الصيغة بمعناها إنما يصح إذا بذلك مجودة واستفرغ وسعه ولو فعل ذلك في السنة لصار ذلك حجة إلا أنه لما عدم ذلك عادة شرطنا كمال الضبط ليصير حجة ومعنى قولها أن يسمعه حق سماعه أن الرجل قد ينتهي إلى المجلس وقد مضى صدر من الكلام فربما يخفي على المتكلم هجومه ليعيد عليه ما سبق من كلامه فعلى السامع الاحتياط في مثله ثم قد يزدرى السامع بنفسه فلا يراها ألا لتبليغ الشريعة فيقصر في بعض ما ألقى إليه ثم يفضي به فضل الله تعالى إلى ان يتصد لإقامة الشريعة وقد قضر في بعض ما لزمه فلذلك شرطنا مراقبته وأما العدالة فإن تفسيرها الاستقامة يقال طريق عدل للجادة وجائر للبينات وهي نوعان أيضا قاصر وكامل أما لقاصر فما ثبت منه بظاهر الإسلام واستدال العقل لأن الأصل حالة الإستقامة لكن هذا الأصل لا يفارقه هوى يضله ويصده عن الاستقامة وليس لكما الاستقامة حديد رك مداه لأنها بتقديره الله تعالى ومشيئته يتفاوت فاعتبر في ذلك ما لا يؤدي إلى إلى الحرج والمشقة وتضييع حدود الشريعة وهو وجهان جهة الدين والعقل على طريق الهدى والشهوة فقيل من ارتكب كبيرة سقطت عدالته وصار متهما بالكذب وإذا أصر على ما دون الكبيرة كان مثلها في وقع التهمة وجرح العدالة فأما من ابتلى بشيء من غير الكبائر من غير اسرار فدل كامل العدالة وخيره حجة في إقامة الشريعة والمطلق من العدالة ينصرف إلى أكمل الوجهين فلهذا لم يجعل خبر الفاسق والمستور حجة وقال الشافعي رحنه الله لما لم يكن خير المستور حجة فخبر المجهول أولى والجواب أن خبر المجهول من الصدر الأول مقبول عندنا على الشرط الذي قلنا بشهادة النبي عليه السلام على ذلك القرن بالعدالة وأما الإيمان والإسلام فإن تفسيره التصديق والإقرار بالله سبحانه وتعالى كما ه بصفاته وقبول شرايعه وأحكامه وهو نوعان ظاهر بنشوه بين المسلمين وثبوت حكم الإسلام بغيره من الوالدين وثابت بالبيان بأن يصف الله تعالى كما هو إلا أن هذا كمال يتغذر شرطه لأن معرفة الخلق بأوصافه على التفسير متفاوتة وإنما شرط الكمال بما لا حرج فيه وهو أن يثبت التصديق والإقرار بما قلنا اجمالا وإن عجز عن بيانه وتفسيره ولهذا قلنا أن الواجب أن يستوصف المؤمن فيقال أو كذا فإذا قال نعم فقد طهر كمال اسلامه ألا ترى أن النبي عليه السلام استوصف فيما يروى عنه عن ذكر الجمل دون التفسير نوعان بذلك أمرنا بالكتاب والسنة قال الله تعالى
﴿يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن﴾
وكان النبي عليه السلام يمتحن الأعراب بعد دعوى الإيمان إلا أن تظهر امارته فيجب التسليم له كما قال النبي عليه السلام إذا رأيتم الرجل يعتاد الجماعة فشاهدوا له بالإيمان وقال النبي عليه السلام من صلى صلواتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فاشهدوا له بالإيمان فأما من استوصف فجهل فليس مؤمن كذلك قال محمد في الجامع الكبير في الصغيرة بين أبوين مسلمين إذا لم تصف الإيمان حتى أدركت فلم تصفه أنها تبين من زوجها وإذا ثبت هذه الجملة كان الأعمى والمحدود في القذف والمرأة والعبد من أهل الرواية وكان خبرهم حجة بخلاف الشهادات في حقوق الناس لأنها تفتقر إلى تمييز زائد ينعدم بالعمى وإلى ولاية كاملة متعدية ينعدم بالرق وتقصر بالأنوثة وبحد القذف
صفحہ 167