فمما تقدم يرى أن مذهب النفعية أثبت مذاهب الأخلاق حدودا وأقربها إلى العمل. (3) الكمالي، أو مذهب النشوئيين
وهناك فريق يرى أن الغرض الأسمى الذي ترمي إليه الفضيلة الأدبية هو الكمال؛ أي الصعود بالنفس إلى أعلى مراتب الإنسانية، وعلى ذلك يكون القانون الأدبي والفضيلة الأدبية هما في نظرهم نسق من النماء مطرد.
قال الأستاذ لويد مورجان شرحا لمبدأ الكمال: «إن غرضنا الذي نرمي إليه هو تحصيل المثل الأعلى من أنفسنا بترويضها وضبطها وهديها. والاستعاضة عن ضعيفة النفوس التي لنا بأخرى أصلح وأتم وأغنى وأصدق.» وقال الأستاذ جرين «الإنسان نهاية في ذاته.» فإذا أراد أن يبلغ درجة الرضا والارتياح فعليه أن يكمل نفسه.
الفصل الثالث
الشعور
يشمل الشعور نطاق اللذة والألم بأكمله. وهو عنصر جوهري في كل فعل مدرك. وإلا فإنه إذا لم تحصل لذة من فعل الفعل ولا ألم من تركه، وبعبارة أخرى: إذا لم يكن هناك تأثر متصل بالفعل؛ فلا فعل على الإطلاق.
وعلى ذلك فيمكن أن ينعت الشعور بأنه مصدر الفعل. بما أن كل الأفعال إنما تنشأ من رغبة في سد حاجة الشعور، ومن هنا نتبين خطورة أمر «التأثر» المشار إليه في التربية.
والشعور أهم البواعث على تنبه الإرادة كترقب لذة مثلا أو خشية خوف، وعلى ذلك فالشعور عامل خطير في التربية الأخلاقية؛ إذ لا يخفى أن نشوء العادات واختيار الإنسان منهجا بعينه من مناهج السلوك على اختلافها إنما يكون تبعا للذة أو الألم الذي يصحب الفعل. (1) نمو الشعور
إن سد حاجة نوع بعينه من أنواع الشعور لا يترك العقل على نفس الحالة التي كان عليها بالضبط قبل قيام الشعور بالنفس، بل تبقى من الفعل إثارة يصبح العقل بها مهيأ إلى الميل للفعل مرة ثانية على نحو ما فعل أول مرة، وكلما كانت الفترات بين سد حاجة الشعور مرة وأخرى متداركة كان الميل إلى انتحاء ذلك النحو من الفعل أعظم. مثال ذلك: إذا نحن كنا في ظروف توجه فيها التفاتنا بلا انقطاع إلى المحزنات؛ تملكنا الحزن بل ربما استقر في أنفسنا المرض وكذلك الأمر في الكآبة والغضب والطاعة وغير ذلك. نعم إن كثيرا من أمرها فطري ولكن توفيرها أو استئصالها ممكن بالترويض والمعالجة.
والشعور أو الإحساس يصبح مصاحبا لنوع الجهد الموقظ، فإذا كان الإحساس لذيذا كان الفعل المصاحب له مقبولا، والعكس بالعكس. فإذا أردنا على ذلك أن نحبب المدرسة ومعلميها وعملها إلى طفل من الأطفال؛ فالواجب أن يعمل على إزالة كل ما كان منها غير مقبول، ويترتب على ذلك أن العقوبات - وإن وجب فيها الإيلام - يجب أن توقع بحيث لا يبصرها كل تلاميذ المدرسة إلا إذا كان لضرورة لازبة؛ لأنه ينشأ من شهود توقيع العقاب آلام المدح والثناء، فيصحبهما شعور لذيذ، فيجب إذن أن يكونا علانية. (2) أقسام الشعور
نامعلوم صفحہ