مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين
مقاصد المكلفين فيما يتعبد به لرب العالمين
ناشر
مكتبة الفلاح
ایڈیشن
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م
پبلشر کا مقام
الكويت
اصناف
ويقول ﷺ: "لقَلْب ابْن آدَمَ أشَدُّ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْر إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا" (١).
والسبب في تقلّب القلوب يعود إلى كثرة الواردات التي ترد على القلوب، والقلب -كما يقول سهل بن عبد الله-: "رقيق تؤثر فيه الخطرات" (٢).
وقد عدّ الحارث المحاسبي (٣) الواردات التي ترد على القلب على ثلاثة معان:
الأوّل: تنبيه من الرحمن، ففي الحديث: "مَنْ يُرِدِ اللُه به خَيْرًا يَجْعَلْ لَهُ وَاعِظًَا مِنْ قَلْبهِ"، وفي الحديث الآخر يقول الرسول ﷺ: "ضَرَبَ اللُه تَعَالَىَ مثلًا صِرَاطًَا مُستَقِيمًا، وَعَلَى جَنبتَيّ الصرَاطِ سُورَان، فِيهمَا أَبْوَابٌ مفَتَّحَة، وَعَلَى الأبْوَاب ستُور مُرْخَاة، وَعَلَى الصِّرَاطِ دَاعٍ، يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ادْخلُوا الصِّرَاطَ جَمِيَعًا، وَلاَ تعْوَجُّوا، وَداعٍ يَدْعُو مِنْ فوْق الصِّرَاطِ، فَإِذَا أَرَادَ الإِنْسَانُ أَنْ يَفْتَحَ شيئًَا مِنْ تِلْكَ الأبْواب قال: ويحَكَ لَا تَفْتَحْهُ، فإِنكَ إنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ ..
فَالصِّرَاطُ الإسْلاَمُ، وَالسُّورَانِ حدود اللِه تَعَالى، وَالْأبْوَاب المُفَتَّحَةُ مَحَارِم الله تَعَالَى، وَذَلِكَ الداعي عَلَى رَأْس الصرَاطِ كَتابُ اللِه، وَالدَّاعِي مِنْ فَوْقِهِ وَاعِظُ الله فِي قَلْبِ كل مُسْلِم" (٤).
ويرى المحاسبي أن واعظ الله يتحقق في قلب المسلم بأن يحدث الله الخاطر ببال عبده، وينشئه في قلبه، أو بأن يأمر المَلَك بفعل ذلك.
الثاني: تزيين الشيطان ونزغه ووسوسته، وقد أمر الله رسوله أن يفزع إلى الله مستجيرا من نزغات الشيطان: ﴿وَإِما يَنْزَغَنكَ مِنَ الشّيْطَانِ نَزْغٌ فَاستعِذْ بِالله إنهُ سَمِيعٌ عَليِم﴾ (٥).
(١) أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه عن المقداد (كنز العمال ١/ ٢١٦).
(٢) عوارف المعارف ص ٢١.
(٣) الرعاية ص ٧٨، ٧٩.
(٤) رواه أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه عن النواس، (انظر مشكاة المصابيح ١/ ٦٧)، وصحيح الجامع الصغير ج ٤ حديث رقم ٣٧٨٢.
(٥) سورة الأعراف / ٢٠٠.
1 / 361