تَأْثِير ذَلِك فِي الفتور الْعَام الَّذِي هُوَ من شئون الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَهَا نَحن نجد أَكثر الْأُمَم الْحَيَّة الَّتِي نغبطها قد طَرَأَ على دينهَا التَّغْيِير والتبديل فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع، وَلم يُؤثر ذَلِك فِي الفتور؛ بل زعم كثير من حكماء تِلْكَ الْأُمَم انهم مَا أخذُوا فِي الترقي إِلَّا بعد عزلهم شئون الدّين عَن شئون الْحَيَاة، وجعلهم الدّين أمرا وجدانيًا مَحْضا لَا علاقَة لَهُ بشؤون الْحَيَاة الْجَارِيَة على نواميس الطبيعة.
فَالْجَوَاب على ذَلِك بِأَنَّهُ كَمَا يُطَالب كل إِنْسَان بَان يكون صَاحب ناموس، أَي مُتبعا على وَجه الاطراد فِي أخلاقه وأعماله قانونا مَا، مُوَافقا وَلَو فِي الْأُصُول فَقَط لقانون الْهَيْئَة الاجتماعية الَّتِي هُوَ مِنْهَا، وَإِلَّا فَيكون لَا ناموس لَهُ، منفورًا مِنْهُ مضطهدًا؛ فَكَذَلِك كل قوم مكلفون بِأَن يكون لَهُم ناموس عَام بَينهم، ملائم نوعا لقوانين الْأُمَم الَّتِي لَهَا مَعَهم علاقات جوارية أَو تجارية أَو مناسبات سياسية، وَإِلَّا فيكونون قوما متوحشين لَا خلاق لَهُم وَلَا نظام، منفورًا مِنْهُم مضطهدين.
وَذَلِكَ أَن الناموس الطبيعي فِي الْبشر هُوَ ناموس وَحشِي لَا خير فِيهِ، لِأَن مبانيه هِيَ تنَازع الْبَقَاء، وَحفظ النَّوْع، والتزاحم على الأسهل، والاعتماد على الْقُوَّة، وَطلب الغايات، وَحب الرِّئَاسَة،
1 / 70