أَو مستطلعًا رَأْي الْغَيْر. بِنَاء على ذَلِك فَمَا أحد منا مُلْزم بِرَأْي يبديه وَلَا هُوَ بملوم عَلَيْهِ، وَله أَن يعدل أَو يرجع عَنهُ إِلَى ضِدّه؛ لأننا إِنَّمَا نَحن باحثون لَا متناظرون، فَإِذا أعجبنا رَأْي الْمُتَكَلّم منا أثْنَاء خطابه إعجابا قَوِيا فَلَا بَأْس أَن نجهر بِلَفْظ (مرحى)، تأييدًا لإصابة حِكْمَة وأشعارًا باستحسانه، وعَلى هَذَا النسق فلنمض فِي بحثنا فِيمَا هِيَ أَسبَاب الفتور الْعَام.
قَالَ الْفَاضِل الشَّامي: إِنِّي أرى أَن منشأ هَذَا الفتور هُوَ بعض الْقَوَاعِد الإعتقادية والأخلاقية: مثل العقيدة الجبرية، الَّتِي من بعد كل تَعْدِيل فِيهَا جعلت الْأمة جبرية بَاطِنا قدرية ظَاهرا (مرحى) . وَمثل الْحَث على الزّهْد فِي الدُّنْيَا والقناعة باليسير والكفاف من الرزق، وإماتة المطالب النفسية: كحب الْمجد والرياسة، والتباعد عَن الزِّينَة والمفاخر، والأقدام على عظائم الْأُمُور، وكالترغيب فِي أَن يعِيش الْمُسلم كميت قبل أَن يَمُوت. وَكفى بِهَذِهِ الْأُصُول مفترات، مخدرات، مثبطات، معطلات، لَا يرتضيها عقل وَلم يَأْتِ بهَا شرع، ولمثلها نفى عمر بن الْخطاب ﵁ أَبَا ذَر الْغِفَارِيّ الربذَة.
1 / 26