194

قلت هذا، فصلى الكوكلوب لبوسايدون، باسطا ذراعيه كلتيهما، إلى السماء ذات النجوم، يقول: «استمع إلي يا بوسايدون، يا مطوق الأرض، أيها الرب ذو الشعر الأدكن، فلو أنني كنت ابنك حقا، وأعلنت أنت نفسك أنك أبي، لا تجعل أوديسيوس مخرب المدن يصل أبدا إلى وطنه، أوديسيوس بن لايرتيس، الذي موطنه إيثاكا، أما إذا كان مقدرا له أن يرى أهله، ويصل إلى منزله المتين البناء، ووطنه، فليكن وصوله متأخرا، وفي حالة يرثى لها، بعد أن يفقد سائر رفقائه ويعود في سفينة لرجل آخر، وليعان المحن في بيته.»

هكذا قال في صلاته، وسمعه الرب الأدكن الشعر. أما الكوكلوب، فقد رفع إلى فوق، من جديد، صخرة أخرى، أضخم بكثير من السابقة، ولوح بها في الهواء، ثم قذفها، واضعا في رميته قوة لا حد لها. لقد رمى بها خلف السفينة الدكناء الجؤجؤ، فسقطت بقربها، وأخطأ الدفة بمسافة بسيطة أو ما كادت، فهاج البحر تحت قوة سقوط الصخرة، وحملت اللجة السفينة إلى الأمام، وجرفتها إلى الشاطئ.

وصلنا عندئذ إلى الجزيرة حيث كانت ترسو جميع سفننا الأخرى، ذات المقاعد المكينة، وقد جلس حولها رفقاؤنا، ينتظرون عودتنا، وهم يبكون. وعندما وصلنا إلى هناك، أرسينا سفينتنا فوق الرمال، ونزلنا، نحن أنفسنا إلى شاطئ البحر. بعد ذلك أنزلنا من السفينة الواسعة قطعان الكوكلوب، وقسمناها، بقدر ما كان في مقدوري أن أقسم، حتى لا يحرم أي رجل من نصيبه العادل. أما الكبش الكبير، فقد تركه لي زملائي، فأعطوه لي وحدي، كجائزة منفصلة، عندما قسمت القطعان، فنحرته فوق الشاطئ ذبيحة لزوس بن كرونوس، رب السحب القاتمة، وسيد الجميع، وأحرقت قطع الأفخاذ، ولكنه مع ذلك لم يكن ليهتم بذبيحتي، بل كان يدبر كيف تتحطم جميع سفني المتينة المقاعد، وكذا زملائي الأعزاء الأوفياء.

ومن ثم، طفقنا طوال اليوم كله، إلى أن أغربت الشمس، جالسين نولم على لحم وفير وخمر لذيذة. ولما احتجبت الشمس وراء الأفق، وخيم الظلام على الكون، رقدنا لنستريح فوق شاطئ البحر، وما كاد الفجر الباكر، ذو الأنامل الوردية، يظهر في السماء، حتى أيقظت رفاقي، وأمرتهم بالصعود إلى السفن، وحل حبال الكوثل، فصعدوا في الحال، وجلسوا فوق المقاعد، وبعد أن استووا في مقاعدهم بنظام، أخذوا يضربون البحر السنجابي بمجاذيفهم.

من هناك أبحرنا بقلوب مثقلة بالأحزان، ولكننا كنا مسرورين لنجاتنا من الموت، بالرغم من أننا فقدنا زملاءنا الأعزاء.

الأنشودة العاشرة

أوديسيوس في ضيافة حارس الرياح

فصاحت كيركي صيحة بالغة، وارتمت على الأرض تبكي.

بعد ذلك وصلنا إلى الجزيرة الأيولية

Aeolian ، حيث كان يقيم أيولوس

نامعلوم صفحہ