عرب کے ادیب جاہلیت اور اسلام کے ابتدائی دور میں
أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام
اصناف
وأقطعه اللاتي بها يتنبل
48
وقد وصف الشاعر صحراءه في بردها وحرها، في برقها وأمطارها، في عواصفها ورياحها، وأحاط بجبالها وسهولها ورمالها، وتكلم على نباتها وأشجارها الشائكة، وذكر طيرها وحيوانها، وأخرج عن الأماكن التي يمر بها في ترحله مصورا جغرافيا يكاد يكون وافيا. ووصف الليل الطويل وما ينتابه في ظلامه الدامس من الخوف والأرق، وسما إلى الكواكب يتبين مطالعها ومغاربها، ويتضجر من ثباتها إذا وجد الليل طويلا في حزنه وهمومه. قال امرؤ القيس:
فيا لك من ليل كأن نجومه
بكل مغار الفتل، شدت بيذبل
49
وقلما خرج إلى تصوير الطبيعة الحضرية الغنية بمياهها وأشجارها كما وصف النابغة الفرات وهو عند الملك النعمان. ولم يستفيضوا في الكلام على البحار؛ لأن سوادهم يقطن في قلب الصحراء. وما غرروا بأرواحهم فركبوا في السفن، وكافحوا جنون الأمواج؛ ليترك البحر أثرا في نفوسهم كما تركت الفيافي والقفار، فما له عندهم إلا ذكر عارض نرى له مثالا في معلقة طرفة وهو ربيب البحرين.
على أن الشاعر الجاهلي، في ماديته الكثيفة، لم تظهر عنده عاطفة الطبيعة واضحة جلية، فكان ينظر إليها ويتأملها مبتهجا أو مكتئبا لمرآها، لا يستطيع أن يعبر عن اختلاجات نفسه نحوها، وما يعتريها من التأثرات في نظره إليها، ولا أن يبث الحياة فيها، فيجعل روضتها امرأة حسناء يشتهيها ويبادلها الشعور، أو يبدع منها أشخاصا - على ما يوحي إليه خياله - يحلل نفسياتهم في ما يتبادلون من الأحاديث والنظرات والحركات، فيمثل فيهم الغيرة والحسد والمراقبة والنميمة والرحمة والإشفاق كما يفعل الشاعر العباسي والأندلسي؛ وبالأولى ألا ينظر إليها نظرا شاملا للجماعة الإنسانية وما يبدو في حياتها من خير وشر وقبح وجمال؛ ليجرد منها فكرة فلسفية كما يفعل الشعراء من أبناء زماننا. وإنما كانت الطبيعة عنده محط الرحال ينقلها جزئيات صورا وألوانا، لا نقطة السير يستلهمها كليات فكرة وخيالا، فيختزن المحسوسات وانطباعاتها، ثم يجمع بعضها إلى بعض، ثم يحللها ويركبها، ويخترعها صورا جديدة أو يخلقها خلقا مبتكرا سويا. بيد أنه أجاد تصويرها من النواحي التي سلكها، وكانت له تخيلات جميلة في تمثيلها وتشبيهها. (7) الخمريات
كان أهل الجاهلية أصحاب لهو وشراب، على حد تعبير الرواة والمؤرخين القدماء، في كلامهم على الذين هجروا الخمرة منهم بعد إسلامهم، أو الذين كانوا من المحدودين فيها؛ لأنهم شربوها وهم مسلمون. ويدلنا، على مبلغ كلفهم بها وإخبارهم عنها، ما في المعجم اللغوي من أوضاع لها لا تكاد تقل عما للبعير من أسماء وصفات. وهذا من تنبهات الأب لامنس في كلامه على الأخطل. مع أن الصحراء ليست موطنا للكروم والمعاصر ما خلا البلدان الصالحة لغرس الأعناب والنخيل كاليمن والطائف ويثرب ووادي القرى، وذكر أنه كان للأعشى معصر في أثافت، وهي قرية يمانية ذات كروم كثيرة، والخمرة تصنع من التمر كما تصنع من العنب، ولم نعثر على شعر جاهلي يفرق بين الشرابين، أو بين النبيذ والراح، وإنما نجد هذا الفرق في الإسلام.
على أن الشعر الخمري يتحدث عن التجار الغرباء: يهود أو نصارى، يأتون البادية بزقاق الخمر من نواحي الشام والعراق، ويخالطون قبائل الأعراب، فينصب التاجر خيمة ويرفع عليها راية يسمونها الغاية، فيقبل نحوها الشاربون حتى تفرغ الزقاق، فيقلع غايته، ويقفل إلى بلده، ويتحدث أيضا عن الشعراء الذين ينزلون الحواضر، ويشهدون فيها مجالس اللهو والشراب، ويسمعون غناء القيان يضربن على الصنج والعود. قال الأعشى:
نامعلوم صفحہ