303

عرب کے ادباء عباسی دور میں

أدباء العرب في الأعصر العباسية

اصناف

تحليل مقاماته

يبدأ الحريري مقاماته بإسناد الكلام إلى راويتها الحارث بن همام، ولكنه لا يقتصر كالبديع على قوله: «حدثنا.» بل يميل إلى التغيير في بدء كل مقامة فينتقل بين حدث وروى وحكى وأخبر وقال.

والحارث بن همام رجل كثير الأسفار، فإما يطلب السفر من أجل دين يبغي قضاءها، أو سعيا لرزق يكتسبه. وربما بدا موسرا يتلهى بالترحال والأسمار والأخبار. وقد يجتمع الحارث وأبو زيد منذ أول المقامة، فيتعاونان على إنشائها كما في المقامة الواسطية

9

إذ سعى أبو زيد في تزويج الحارث. حتى إذا كان العرس، دس للناس بنجا في الطعام، فتخدروا، فسلب ما في البيوت من الأكياس والتخوت، ونجا لا يلوي على العرس وأهله.

والحارث أكرم أخلاقا، وأشرف نفسا من أبي زيد، فإنه لم يشركه في لصوصيته، ولطالما أنبه على دناءته، وصارمه من أجلها، ولكنه لا يلبث أن يعود إلى مصاحبته لشغفه بأدبه. وهو على اجتماعه به في كل مقامة لا يعرفه إلا إذا اتبعه وسأله عن حاله، أو إذا تبين الاحتيال في أقواله وأعماله، فيضطر إلى كتم أمره، فما يخبر خبره إلا بعد أن ينأى عن البلد، ويأمن اللحاق.

وأما أبو زيد فشاعر خطيب مترسل، عالم باللغة والنحو، والفقه والفرائض، متصرف في ضروب الكلام ونوادر البيان، يحترف الكدية بالاحتيال، ويسلك إليها مختلف الطرق، لا عدة له غير لسان فصيح، وجنان قوي، فهو لص خبيث، سكير خمير، مخادع منافق، مستهتر فاسق. يظهر في كل المقامات، وغالبا يعاونه على احتياله ولده أو زوجه، وهما لا يقلان عنه خداعا وخبثا، وفصاحة وعلما، ولهما من جمالهما شافع يستعينان به على الاقتناص، ولكنهما يصونانه عن التبذل.

ومقاماته فيها أدب كثير، وفيها احتيال كثير، وفيها دناءة وخساسة، وفيها حكم ومواعظ. وتنقسم من حيث الأغراض إلى مقامات أدبية، تظهر براعة أبي زيد في تصريف الكلام، وتقليب نوادر البيان، كالمقامة القطيعية،

10

وفيها أحاج نحوية ألقاها أبو زيد على جماعة، فعجزوا عن حلها، فأبى أن يفسرها لهم إلا بعد أن نال منهم الحباء. وإلى فكاهية كالمقامة الواسطية، وقد مر ذكرها. وإلى مجونية كالمقامة الرحبية،

نامعلوم صفحہ