عرب کے ادباء عباسی دور میں
أدباء العرب في الأعصر العباسية
اصناف
75
وهذا قول لا يصدر إلا عن نفس عزيزة، لا تلين لها خنزوانة مهما تراخى بها الأمر، وتألبت عليها المصائب. وربما ناظر شاعرنا الدمستق، وفخر عليه، ورماه بقوارص الكلام، غير خاش مغبة جراءته، ولا مبال على أي جنبيه وقع الأمر، فمن قوله فيه وقد تناظرا في أمر الدين:
أما من أعجب الأشياء علج
يعرفني الحلال من الحرام
وقال له الدمستق يوما: «إنما أنتم كتاب ولا تعرفون الحرب.» فأحفظه ذلك من عدوه فرد عليه: «نحن نطأ أرضك منذ ستين سنة، بالسيوف أم بالأقلام؟» وله شعر في ذلك.
ولشد ما كان حنينه إلى وطنه وأهله، فقد جمعت في صدره الشجاعة والصبر، والرقة والحنو، ولكل من هذه الصفات أثر بليغ في حياته، ولا سيما حياة أسره، فبينا تراه يعاتب ويهدد ويعظ ويؤنب، إذا هو يلين ويلطف فيبث صبابته، ويشرح هواه، ويناجي والدته وصبيته وخلانه، وقد تهيج به الذكرى ريح تهب شآمية، أو عيد يمر به، أو حمامة تنوح على شجرة، فتفيض شجونه، ويتسلى بالأشعار:
أقول وقد ناحت بقربي حمامة:
أيا جارتا! هل تشعرين بحالي؟
وجملة القول إن أبا فراس تعذب في الأسر كثيرا، ولقي أشد العنف والإرهاق، ولكنه لم يخفض رأسه، ولا أذل نفسه، بل ظل شديد العزيمة، صليب العود، بادي الشمم، جريء القلب، يجابه العدو في عقر داره، متدرعا بالصبر، متوكلا على رحمة الله.
ولا بد من القول إن لأسره يدا على خلوده، وعلى الأدب معا، فلولا رومياته لما كان له في سائر شعره ما يتميز فيه من الشعراء العاديين. ولولا أسره وشقاؤه لما جرى طبعه بهذه القصائد الرائعة، فجاء بها ذوب العاطفة المتألمة، وعصارة النفس الكليم، فكتبت اسمه في سفر الخلود، ومهرت الأدب نوعا طريفا من الشعر الوجداني.
نامعلوم صفحہ