حتى أتى على أمور الدنيا. قال ابن أبي الأصبغ: فاطلعت فرأيت وجه عبيد الله يتهلل، ثم قال له: اعتزل واعمل لنا عملًا يشتمل على جميع ما ذكرته لي مخاطبةً. واعتزل معه أبو عيسى محمد بن سعيد الديناري وأملى عليه ذلك وأحضره الثبت به. ثم سأله في أمره وأمر أبي العباس أخيه، وذكر له عظيم ما حل بهما ونيل منهما، فتقدم بفك قيودهما والتوسعة عليهما، ووعده بمسألة المعتضد بالله في بابهما والتلطف في استخلاصهما، وصرفه إلى موضعه. وقال لأبي أحمد بن يزداد وجعفر ابن محمد ابن حفص: قوما إلى دواوينكما. والتفت إلى من كان بين يديه وقال: أرأيتم مثل ابن الفرات ومثل كتابي الذين صرفوه؟! والله لأخاطبن الخليفة في العفو عن أبي الحسن وأبي العباس وأستعينن بهما، فإنه لا عوض للسلطان عنهما. ومضت أيام وخاطب في معناها واستوهبهما واستعملهما. وحدث أبو الفضل بن عبد الحميد الكاتب قال: لما تولى أبو القاسم عبيد الله ابن سليمان وزارة المعتضد بالله رحمة الله عليه والدنيا منغلقة بالخوارج، والأطماع مستحكمة من جميع الجوانب، والمواد قاصرة، والأموال معدومة، وقد استخرج إسماعيل بن بلبل خراج السواد لسنتين في سنة، وليس في الخزائن موجود من مال ولا صياغة أحتاج في كل يوم إلى ما لا بد منه من النفقات إلى سبعة آلاف دينار، وتعذر عليه قيام وجهها، وقال لي يومًا وهو في مجلسه من دار المعتضد بالله: يا أبا الفضل قد وردنا على دنيا خراب مستغلقة، وبيوت مال فارغة، وابتداء عقد لخليفة جديد الأمر، وبيننا وبين الافتتاح مدة، ولا بد لي في كل يوم من سبعة آلاف دينار لنفقات الحضرة على غاية الاقتصار والتجزئة،
1 / 13