وأصاب عين الصواب، وتميز بالحق عند أولي الألباب، فما مولى أحكم ترصيفه، وأجاد تصنيفه، وأبدع تأليفه، ووضع أركانه، ورفع وأعلى شأنه، إلا رجل عَضَّ على الشريعة بالنواجذ، وحملته غَيْرَتُه الإسلامية على رد ملحد مبتدع نابذ، قد لعب بعقله الشيطان، وسلك به كل فج من العصيان، فكتب أوراقًا تشتمل على خرافات من البدع والضلالة، وتحتوي على تُرَّهاتٍ تنادي على صاحبها بالسفه والجهالة، ثم نشرها على ضعفاء العوام ليضلهم بها عن سنة خير الأنام –عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام- ترويجًا لمذهبه الفاسد، واعتقادِه الكاسد، وطلبًا لتحصيل أمانيه الدنيوية، وحظوظه الحيوانية، ظنًّا منه أن الشريعة المطهرة قَلَّت أنصارها، وأظلم منارها، واستقلَّت ركابها، وعزَّ طلاّبها، وذَلَّت أسودها، واشتبهت حدودها، ولم يدرأنها محاطة بأبطال يضيق عنهم المجال، وتُسَدُّ بهم الخِلال، إذا قارعوا قرعوا، وإن صارعوا صرعوا، وإن حوربوا حربوا، وإن نوزلوا سلبوا، دروعهم كتاب الله، وأسنتهم سنة رسول الله، لسانهم سنان، وسنانهم لسان، وسلاحهم طاعة وإيمان.
فقيّض الله لردّه مؤسس هذا الكتاب، ومجري ينابيع هذا البحر العباب، والفاضل الذي شهدت بكماله فضلاء البلاد، وعمَّت فضائله كل ناد، العالم العامل البدر الذي يقصر عن مجاراته كل متطاول، الورع الزاهد، والتقي العابد، وطود القلم الشامخ، وركن المجد الباذخ، صاحب التصانيف المفيدة، والتآليف العديدة، الشيخ عبد اللطيف الحنبلي، غمره المولى ﷿ بلطفه الجليل الجلي، فَرَدُّهُ
1 / 20