تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
اصناف
وكيف لا يكون كذلك من باع لله نفسه ينتظر حتفها صباحا ومساء وليس له في شيء من الأمور؛ ولا لأحد من الناس دنت رحمه أو بعدت أو عظم خطره أو صغر , أو أرتفع شأنه أو تواضع هوى إلا ما وافق الحق؛ مع ما لا يحصى من أخلاقهم الحسنة الجميلة التي زينهم الله بها في الدنيا وترك عليهم الثناء الحسن الجميل فيمن خلف بأعقابهم أه كلام منير في الجلندى وأصحابه وحسبك بمن أثنى عليه منير هذا الثناء وأطبقت ألسنة الأمة على الثناء الجميل لهم والناس شهود الله في أرضه , جزاهم الله عن الإسلام وأهله خيرا .
ذكر قتل جعفر الجلندي وابنيه النظر وزائدة
وهم من أقارب الإمام رحمه الله؛ قال أبو الحواري بلغنا أن الجلندى ابن مسعود رحمه الله قتل جعفر الجلندي وابنيه النظر وزائدة على كتاب بيعة كانت منهم على المسلمين؛ فلما صح ذلك عند الجلندى رحمه الله أرسل إليهم ولم يكن منهم محاربة فيما بلغنا إلا ما ظهر من كتباهم؛ فقدمهم الجلندى فضرب رقابهم على ذلك الكتاب فيما بلغنا؛ قال وبلغنا أن الجلندى لما قتلهم فاضت عيناه دموعا , فلما نظر إليه أصحابه وعيناه تفيضان بالدموع قالوا له أعصبية يا الجلندى؟ فقال لا ولكن الرحمة.
وقال غيره كان الجلندى بن مسعود رحمه الله قتل عفر بن سعيد وغيره من بني الجلندى فدمعت عينه جزعا عليهم فوقع في أنفس المسلمين عليه من ذلك فقالوا له اعتزل أمرنا فاعتزل أمرهم وطرح إليهم بالسيف والقلنسوه؛ فلبث ما شاء الله يغدو غدوهم ويروح روحهم , ثم رجعوا إليه فطلبوا إليه أن يرجع إلى ما كان فيه من أمرهم فكره ذلك فلم يزالوا به حتى رجع إلى مكانه بعد اعتزاله وفي موضع أنه اعتزل فلم يكد يرجع ولم نعلم أنهم بايعوه بعد اعتزاله , يعني أنه رجع إلى الأمر بالعقد الأول والله أعلم.
صفحہ 76