أقلب طرفي في البلاد فلا أرى ... = ... وجوه أخلاي الذين أريد ثم أنه رحل عن جاشك حتى نزل أرض كرمان فأقام بها عند ملوك بعض أهلها وانتسب إليهم , وقال إني رجل من أهل بيت كان لنا الملك في العرب , وكان لأبي عدة من الولد وكنت أنا أقربهم إليه وأحبهم , فحسدني أخوتي مكاني من أبي , وكان ذلك سبب قتل أبي على يدي؛ ثم أنه أخبرهم بقصته وأمره؛ وقال إني قد قدمت إلى هذه البلاد مستجيرا بأهلها ومستعديا بهم , وقد رجوت الله أن يمن على بجوارهم ويشد أزري بمكانهم , فلما انتسب إليهم وعرفهم قصته عرفوه وتبينوا موضعه ومكانه وشرفه فأنزلوه وأكرموه , وأعجبهم ما رأوا من فصاحته وجماله وكمال أمره؛ فرفعوا قدره وأكرموا منزلته وزوجوه بامرأة من كرائم نسائهم؛ ويقال إن سبب تزويجهم إياه أن سليمة لما قدم إلى ارض كرمان وانتسب إليهم أرادوا أن يزوجوه بامرأة من بنات بعض ملوكهم , وكان الملك ذاك على ارض كرمان ولد دارا بن بهمن؛ وكان ملكا جبارا كثير العسف والظلم لأهل مملكته وقومه؛ وكان قد بلغ من أمره أنه ما رفت عروس على بعلها حتى يؤتي بها إليه فيصيبها قبله إلا قتل بعلها وبدد أهلها , فكان ذلك دأب في أهل كرمان إلى أن تقدم عليهم سليمة , وكانوا قد كتموا مجيئه وقدومه مخافة أن يتعرض له بسوء لأجل ما كان من أبيه مالك وأخيه جذيمة الأبرش إلى ملوك فارس؛ فشكوا إلى سليمة أمر ملكهم وحكوا له قصتهم؛ وذكروا أنهم لا يتوصلون إلى دفعه بحيلة من كثرة حرسه وحجابه ومنعته , فقال سليمة وماذا لي عليكم إن أنا كفيتكم أمر بأسه وأرحتكم من سلطانه؟ قالوا وأنى لك ذلك ولم يرمه أحد من أهل العز والسلطان ممن كان قبلنا , فقال سليمة تدبير الأمر في ذلك على فماذا لي عليكم؟ قالوا ما شئت , قال فإذا أردتم ذلك فيجتمع إلى من الغد أهل الوفا والتقديم , قالوا نعم.
صفحہ 33