وحيث كان العدل وسيرة الفضل في عمان أكثر وجودا بعد الصحابة من سائر الأمطار. تشوقت نفسي إلى كتابة ما أمكنني الوقوف عليه من آثار أئمة الهدى ليعرف سيرتهم الجاهل بهم , وليقتدي بها الطالب لأثرهم , مع قلة المادة في هذا الباب , إذ لم يكن التاريخ من شغل الأصحاب , بل كان اشتغالهم بإقامة العدل وتأثير العلوم الدينية؛ وبيان ما لا بد من بيانه للناس أخذا بالأهم فالأهم؛ فلذلك لا تجد لهم سيرة مجتمعة ولا تاريخا شاملا؛ فتتبعت ما أمكنني تتبعه من كتب السير والآثار والتواريخ؛ وكتبت ما أمكنني أن أكتبه من أحوال عمان وأئمتها من أول أمر العرب فيها إلى آخر ما انتهى إلى علمه من أخبار أهلها الماضين؛ ليكون عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين.
وقد كنت عزمت أن أجمع سيرة تجمع أحوال المذهب , وذكر أهله أينما كانوا من الحجاز والعراق وعمان واليمن والمغرب وخراسان وغيرها من عهد الصحابة إلى عصرنا هذا , ثم رأيت أن ذلك شيء يطول , وخشيت معالجة الأيام قبل تمام المأمول , فجعلت للناس السيرة العمانية؛ وإن كان في الأجل فسحة جمعت إن شاء الله باقي السير على حسب ما ذكرت , فأجعل سيرة الصحابة في جلد مفرد؛ وسيرة أهل العراق واليمن وخراسان في مجلد مفرد , وسيرة أهل المغرب في مجلد مفرد؛ فتجتمع السير في أربع مجلدات.
فإن بقيت فأسأل الله تمام ما ذكرت , وإن عوجلت فأسأله أجر ما قصدت , والله المستعان وعليه التكلان , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , لا ملجأ من الله إلا إليه ما شاء الله لا قوة إلا بالله.
صفحہ 4