تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

Noor al-Din al-Salmi d. 1332 AH
175

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

تحفة الأعيان لنور الدين السالمي

اصناف

ثم ظهرت أناس بعد ما مضى ما شاء الله من الزمان وبعد انقراض تلك العصور فغلوا في أمر موسى وراشد , وأوجبوا البراءة منهما على الناس وقالوا لا يسع جهل الحكم بحدثهما لأنهما خرجا على الإمام العادل وهو إمام بالإجماع؛ والخارج على إمام بالإجماع باغ بالإجماع؛ والبراءة من الباغي بالإجماع واجبة بالإجماع ورأس هذه الفرقة وعميدها الذي اشتهر فيها أبو محمد عبدالله بن محمد بن بركة ومن أخذ عنه من أهل عمان منهم أبو الحسن علي بن محمد البسياني , وتبعهم على ذلك خلق وسميت فرقتهم الرستاقية , ونقض عليهم أهل الحق مقالتهم هذه وردوا عليهم غلوهم.

وممن اشتهر في الرد عليهم أبو عبدالله محمد بن روح بن عربي وأبو سعيد محمد ابن سعيد الكدمي , وفي الرد عليهم ألف كتاب الاستقامة بأسره , وتبعهم على ذلك ناس وفقوا إلى الهدى وسميت فرقتهم النزوانية , وبلى أهل عمان بهذا الافتراق بلاء عظيما , وبقيت الفرقة زمانا طويلا حتى ظهر الإمام الموفق المؤيد ناصر بن مرشد رضي الله عنه وأرضاه , فأمات تلك البدعة وأحيا منار الحق وظهر الإسلام والحمد لله على إماتة الفتن.

أما قولهم أن الصلت إمام بالإجماع فهو كان كذلك لكن خصمهم يدعي أنهم لم يخرجوا عليه وإنما خرجوا لمناظرة المسلمين ومشاورتهم في أمره وطلبوا منه أن يعتزل عن الأمر , فاعتزل غير مجبور ولا مقهور؛ وإن للإمام أن يعتزل إذا طلب منه المسلمون ذلك؛ فهذه دعواهم تقول نحن لم نخرج عليه وإنما خرجنا للمناظرة ولم نقدم عليه إماما وإنما قدمناه بعد اعتزاله , فإن صحت هذه الدعوى وهي محتملة فلا تصح البراءة من موسى وراشد , فكيف يلزمونها الناس , ثم إن هذه القضية كانت في زمان قبل ظهور هؤلاء الغلاة فالناس منها في سلامة.

فما مضى قبلك لو بساعة ... = ... فدعه ليس البحث عنه طاعة

بل البحث عنه تجسس عن عورات المسلمين وهو من المحرم في الدين.

صفحہ 184