تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
اصناف
. وقال تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله؛ ولو آمن أهل الكتاب لكان خير لهم , منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون , لن يضروكم إلا أذى , وغن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ) وقد بغى هؤلاء النصارى وطغوا ونقضوا عهدهم ونرجو أن يديل الله عليهم وإلى الله نرغب ونبتهل أن يهدم محاصنهم؛ ويخرب بالعدل مساكنهم ويغنمكم أموالهم وطعامهم إن ربنا سميع قريب؛ فإذا سرتم أو نزلتم فأكثروا ذكر الله , فإن بذكر الله تطمئن القلوب وقال الله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) وشدوا على ربانية السفن أن لا يتفرقوا ولا يسبق بعضهم بعضا , فمن سبق فليقتصر على أصحابه بقدر ما يكون حيث يسمع بعضهم دماء بعض , فإن عناهم معنى تكيف ووازر بعضهم بعضا إن شاء الله؛ فإذا أقدمكم الله الجزيرة فتناظروا وتشاوروا وأرجوا أن لا يجمعكم الله على ضلال؛ فإن رأيتم أن يكون صمدكم ومنزلكم قريبا من القرية الناكثة فتحاصروهم ويكون رسلكم إليهم من هناك وترسلون إلى أهل العهد الذين لم ينقضوا عهدهم حتى يصل إليكم وجوههم ورؤساؤهم , فإن رأيتم أن يكون منزلكم في القرية حيث عود ينزل الولاة والشراة , فافعلوا من ذلك ما اجتمع عليه رأيكم من بعد مشورة أهل الخبرة بذلك ممن ترجون بركة رأيه وفضل معرفتهم؛ فإذا أرسلتم إلى أهل السلم والعهد فاعلموهم مع رسلكم إنهم آمنون على أنفسهم ودمائهم وحريمهم وذرا ريهم وأموالهم وإنكم وافون لهم بالعهد والذمة والجزية على الصلح الذي يقوم بينهم , بين المسلمين فيما مضى؛ ولا ينقض ذلك ولا يبدله , وأمروهم بإحضار جزيتهم إليكم , واختاروا إليهم رجالا من خيارهم من يثبت إلى الصلاح منهم فوجهوهم إلى هؤلاء الناقضين لعهدهم , الناكثين على المسلمين ببغيهم , واجعلوا ممن توجهون رجلين صالحين ممن يوثق بهم من أهل الصلاة , فإن لم يمكنكم بعث اثنين صالحين من أهل الصلاة فواحد فنأمرهم أن يصلوا إلى الذين نقضوا العهد فتدعوهم عن لساني وألسنتكم إلى الدخول في الإسلام وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع حقوق الله والانتهاء عن معصيته , فإن قبلوا ذلك فهي أفضل المنزلتين لهم؛ وذلك يمحو ما كان من حدثهم , لأن الله يقول في المحكم من كتابه ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد , فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم ) وإن كرهوا أن يقبلوا الإسلام ويدخلوا فيه فلتدعوهم إلى الرجعة عن نكثهم والتوبة من حدثهم إلى الدخول في العهد الأول الذي كان بينهم وبين المسلمين , على أن لهم وعليهم الحق بحكم القرآن وحكم أهل القرآن من أولى العلم بالله وبدينه من أهل عمان ممن نزل إليهم أمر المسلمين , فإن أجابوا وتابوا فلتقبلوا ذلك منهم ولتأمروهم بترك ما في أيديهم وأيدي أصحابهم من أهل الحرب من نساء مسلمات ثم لا يتزوج رسلكم من عندهم حتى يقدم معهم رؤساء أهل الحرب ويسلموا إليهم النساء المسلمات اللاتي سبوهن؛ واجعلوا لرسلكم أجلا في رجعتهم لمن أجابهم وبالسبايا إلى ذلك الأجل أن لا يظلموهم ولا تخادعوهم ولا تماكروهم بالمطل والتواني في ذهاب الأيام , فإن وصلوا إليكم بمن أجابهم من أهل الحرب.
صفحہ 145