الفريقين، وإنا نذكر لك الآن مقالة بعض الفريقين.
قال بعض المحققين ممنّ اطلع على نهاية اختلاف الفريقين: إن النفاة أخطئوا من ثلاثة أوجه، أما خطأ النفاة فمن ردهم إلى العموم والخصوص للألفاظ المجردة، وأن الأشياء المختلفة تختلف بذواتها ووجودها، وكلامكم هذا يناقض بعضه بعضا، ويدفع أوله آخره، وهذا إنكار لأخص أوصاف العقل، أليس هذا الرد حكما عاما على كل حال عام وخاص، فإنه راجع إلى اللفظ المجرد.
أليست الألفاظ المجردة لو رفعت فمن البيّن ألا ترفع القضايا العقلية حتى البهائم التي لا عقل لها ولا نطق، لم تقدم هذه الهداية فإنها تعلم بالفطرة ما ينفعها من العشب فتأكله، ثم إذا رأت مماثله ما اعتراها ريب في أنه مأكول، كالأول. فلولا أنها تخلية من الثاني عين حكم الأول، وهو كونه مأكولا وإلا لما أكلت، وتعرف جنسها فتألف به، وتعرف ضدّها فتهرب عنه.
ولقد صدق المثبتون عليكم أنكم حسمتم على أنفسكم باب الحد وشموله للمحدودات، وباب النظر وتضمنه للعلم.
قال المصنف: وأنا أقول بل حسمتم على العقول باب الإدراك، وعلى الألسن باب الكلام، وأن العقل يدرك الإنسانية كلية عامة للنوع الإنساني، وكذا العرضية، وهو مفهوم العبارات ومدلولها لأنفسها؛ لأن العبارة تدل على معنى في الذهن محقق، هو مدلول العبارة والمعبر عنه لو تبدلت العبارة عجمية، وعربية، ورومية لم يتبدل المدلول، ثم ما من كلام تام ويختص
1 / 62