وخصوص ألبتة، بل وجود الشيء وأخص وصفه واحد.
فالمتحصل من كلام هؤلاء النفاة في الحال النفسية والمعنوية أنها ليست بأمر زائد على الموصوف بها، بل ذات الشيء كالبياض، وأخص وصفه، أو أعمه كالبياضية واللونية حين عينه، وإنما نذكر تعبيرا عنه، ولحظا من حيثيَّاته، فإذا نظرت فيه من حيث كونه تابعا لتحيز غيره عبرت عنه بالعرض، فليست العرضية صفة للبياض، بل هي عينه.
وإذا نظرت فيه من حيث كونه مختصا بموصوف عبرت عنه بالوصف الشامل له، ولصفة الباري والمجرّدات كالنفوس البشرية عند مثبتها.
وإذا نظرت له من حيث إنه اللون المفرق للبصر عبّرت عنه بالبياض، وإن نظرت إليه من حيث كونه كاللباس للجرم عبّرت عنه بأنه لون.
فبهذا بان لك معنى قولهم مرة: إنها وجوه واعتبارات، ومرة: إنها أمور لفظية، وليس كل هذه الحيثيات صفات زائدة في المنظور فيه، هذا معنى نفي الحال، وأنها وجوه واعتبارات.
قال المثبتون: لم نثبت قط واسطة بين النفي والإثبات، بل بين الوجود والعدم، وأنتم معاشر النفاة وافقتمونا على أن الحركة علة لكون الجرم متحركا لاتفاق الجميع على ذلك، وكذا جميع المعاني والأعراض كالقدرة والعلم، والعلة توجب المعلول، وذلك المعلول ليس نفسها؛ لاستحالة كون الشيء الواحد من وجه واحد يوجب نفسه، فوجب أن يوجب أمرا آخر.
ثم لا يجوز أن يكون ذلك الأمر ذاتا على حيالها، كإيجاب القدرة مثلا
1 / 59