وإنما نقلت كلامه وإن كان فيه ما في غيره؛ لتصريحه بأن الافتقار صفة نفسية، وذلك صريح في حدوثه عكس ما عليه أهل العصر، وقد أفردناه بورقات. وأما الضابط فهو أن كل موجود له خاصية يتميز بها عن غيره. وإنما يتميز بخاصية هي الحال، وما تماثل المماثلات به فهو حال، وهي التي تسمى صفة الأجناس فيما به التماثل، وصفة الأنواع فيما به التخالف. والحال عند المثبتين ليست موجودة، ولا أشياء، ولا يوصف بصفة. وعند الجبّائي ليست هي معلومة على حيالها، إنما تعلم مع الذّات.
وأما نفاة الأحوال فعندهم تتماثل وتتخالف بذواتها المعيّنة. وأما الأجناس والأنواع فيرجع عمومها إلى الألفاظ الدالة عليها فقط.
وكذلك خصوصها، وقد يعلم الشيء من وجه ويجهل من وجه. والوجوه اعتبارات عقلية لا ترجع إلى صفات هي أحوال تختص بالذوات. هذا تقرير المذهبين، أعني مذهب الفريقين في الحال.
استدل المثبتون أن العقل يقتضي ضرورة أن السواد والبياض يشتركان في قضية وهي اللونية والعرضية، ويفترقان في قضية وهي السوادية والبياضية، فما به الاشتراك عين ما به الافتراق أو غيره. الأول سفسطة، والثاني: تسليم للمسألة.
وبيانه: إن السواد لو لم يوجب للمحل حكما وصفة وهي السوادية والبياضية لم يفترقا ولم يشتركا. لكن عدم افتراقهما
1 / 55