فيه: إنه حادث فقد كفر، ومن قال: إنه قديم فقد كفر، فلا يصح إلا على أحد الأمرين:
أولهما: إنه حادث يعني من حيث ذاته، إذ هو مخلوق لله قديم من حيث متعلقه الذي هو الأمر الكلامي الأزلي، لكنه بهذا غير صحيح؛ إذ لا يلزم من قدم المتعلق كالقدرة مثلا قدم المتعلق كالمقدور، وإلا لزم قدم العالم كله من حيث قدم ما تعلق به.
وهذا قول بمذهب الفلاسفة على أنهم ما أمكنهم دعوى قدمه في زعمهم، حتى نفوا الصفات وجعلوه يؤثر بالذات وهو معنى التعليل، وذلك لما ثبت بالعقل بإجماع منا، ومنهم أن المفعول بالقصد والاختيار حادث بالزمان بمعنى المسبوقية بالعدم، بخلاف المفعول بالذات فإنه حادث بالزمان، بمعنى المسبوقية بالعدم، فكيف يمكن من أثبت الصفات أن يقول بقدم شيء فعل بالقصد والاختيار. هذا بديهي بعد معرفة ما سبق، وقد اشتهر من القواعد العقلية: أنه لا يلزم من قدم المتعلق كما ذكره السعد وغيره.
الأمر الثاني: إنه لا يليق غيره لو قصده الإمام زروقا: إنه لا يقال الإيمان على معنى أنه لم يسبق بعدم بل لا بد من القول بحدوثه بهذا المعنى، إذا هو مسبوق بعدم، وطروّه ظاهر بالبديهة، إذ هو عرض يخلقه الله في قلب من هداه كالكافر يطرأ عليهم الإيمان، فهو حادث لا محالة. وأيضا هو صفة بعض الحوادث فلا يمكن القول بقدمه.
1 / 49