بحيث لا يتوصل إلى خباياه، ولا يقدر على دفع ما يرد عليه من الشبه. وليس المعنى كونه جمليا إجمال الصفات في دليل واحد، فإن ذلك لا يساعده اللفظ ولا المعقول والمنقول.
وبيانه إن الجملي نعت للدليل. فالمعنى إن الدليل مجمل غير مبيّن الدقائق في ذاته فهو نعت حقيقي، ولذلك استكن ضميره لا سببي. ولو كان سببيا لقال الجملية مدلولاته، ويكون منسوبا إلى المحل اسم فاعل، أي بجميع الصفات. هذا بيانه لفظا.
وأما عقلا فلأن الدليل حيث علم على ما ينبغي، وتوصل إلى دقائقه، وربطت به الصفات جملة، يكون غاية قصوى، وما هو بأدنى من كون كل مسألة لها دليل مستقلّ، وقد رأينا أكابر العلماء يتفاوتون في رتب المعارف، ويتسابقون إلى أدراج الصفات تحت اللفظة أو الثلاث، كالإمام السنوسي (١) في الشهادة، وكالمقترح (٢) في الأسرار العقلية في الكلمة النبوية، ويعدون
_________
(١) السنوسي محمد بن يوسف (٨٣٢ - ٨٩٥هـ = ١٤٢٨ - ١٤٩٠م): عالم تلمسان في عصره. فقيه أصولي، من مصنفاته: أم البراهين. العقيدة الوسطى، شرح كلمتي الشهادة. انظر مخلوف، شجرة النور الزكية ص٢٦٢. أحمد بابا التنبكتي، نيل الابتهاج ص٥٦٣.
(٢) المقترح التقي مظفر بن عبد الله (٥٦٠ - ٦١٢هـ = ١١٦٥ - ١٢١٥م): فقيه شافعي مصري، برع في الدين، من كتبه: شرح الإرشاد في أصول الفقه (خ). انظر السبكي، طبقات الشافعية ج ٥/ ١٥٦. حاجي خليفة، كشف الظنون ١٧٩٣.
1 / 40