جهل هذه المعارف التي دخلوا فيها بادئ بَدْء وسلموا من تبعاتها وأراحوا أنفسهم من تعبها وقالوا كما قال القائل:
أرى الأمر يفضي إلى ... آخر يصيّر آخره أولا
وربحوا الخلوص من هذا التمني والسلامة من هذه التهنئة للعامة، فإن العاقل لا يتمنى رتبة مثل رتبته أو دونها ولا يهنى لمن هو دونه أو مثله، ولا يكون ذلك إلا لمن رتبته أرفع من رتبته ومكانه أعلى من مكانه.
فيا لله العجب! من علم يكون الجهل البسيط أعلى رتبة منه وأفضل مقدارا بالنسبة إليه، وهل سمع السامعون مثل هذه الغريبة أو نقل الناقلون ما يماثلها أو يشابهها؟! وإذا كان حال هذه الطائفة التي قد عرفناك أخف هذه الطوائف تكلفا وأقلها تبعة، فما ظنك بما عداها من الطوائف التي قد ظهر فساد مقاصدها وتبين بطلان مواردها ومصادرها؟ كالطوائف التي أرادت بالمظاهر التي تظاهرت بهَا كيد الإسلام وأهله والسعي في التشكيك فيه بإيراد الشبه وتقرير الأمور المفضية إلى
القدح في الدين وتنفير أهله عنه. وعند هذا تعلم أن:
خير الأمور السالفات على الهدى ... وشر الأمور المحدثات البدائع
1 / 29