هذا، واعلم أنه عظم نجوم الفتنة في هذه الأزمان، ولما أخذ الله في الفرقان من التبيين، وحرم أشد التحريم من الكتمان توجه البيان، ويكون الكلام بقدر ما يحتمله المقام، اقتداء بمن قال له جل جلاله: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} [النحل:125]، فأقول معتصما بمن ملكه لا يزول: اعلم أيها الطالب للنجاة، المجتنب لما يصده عن سبيل الله، أن التضليل والتبديع لا سيما بالإكفار والتفسيق بغير دليل قاطع، ولا برهان صادع، من أعظم البدع، وأقدم ما يجب أن يهجر ويدع، ودليل العقل والنقل على ذلك قائم، وبه حاكم، وكفى بنداء قول الله جل جلاله: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} [الإسراء:36]، وقوله سبحانه: {وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا} [يونس:36]، فقد نهى الله عن اقتفاء غير العلم، وأخبر أن الظن لا يغني من الحق شيئا فلا يستقيم تأويل العلم والظن بغير المعلوم من موضعوعيهما، مع أن ذلك تحريف وتبديل، وما لم يكن فيه طريق إلى العلم من العمليات اقتصر عليه، كما هو مقتضى الدليل القاطع، وقد علم إطباق جماعات المسلمين من عهد الصحابة فما بعد أنه لا ينكر على عالم، ولا متبع له فيما لم يصح عندم ما لم يخالف القاطع، وأول ما نشأ التضليل لغير دليل عن (الخوارج) الفرقة المارقة من الدين، بنص سيد المرسلين، كما هو متواتر عند علماء المسلمين.
صفحہ 378